مصر تلحق بقطار تعلم البرمجة
مصر تلحق بركب تعلم البرمجة: تلقى البرمجة إشادة كبيرة باعتبارها مهارة رئيسية للتوظيف في المستقبل. وتشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن التكنولوجيا يمكن أن تحل محل 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025 وأن تخلق 97 مليون وظيفة جديدة، مما يجعل اكتساب المهارات الرقمية الكلية أمرا لا بد منه. وتعمل الحكومة المصرية على الدفع بهذا الاتجاه، كما كرست بعض الجهود لتعزيز مهارات البرمجة. وتقول الشركات الناشئة المصرية التي تقدم دورات في البرمجة إن الطلب على خدماتها يتزايد بشكل مطرد، خاصة فيما يتعلق بتقديمها للأطفال. لكن القطاع ما زال مجزئا، مع وجود نقص ملحوظ في المشغلين الكبار من القطاع الخاص.
في صميم تعلم البرمجة: إتقان لغات البرمجة ومهارات حل المشكلات. من بين 700 لغة برمجة، نجد لغات البرمجة الأكثر شيوعا تشمل "بايثون" وجافا سكريبت" و"سي بلس بلس". ويتوقف نوع اللغة التي تتعلمها على ما إذا كنت بصدد تطوير شركة ناشئة على الويب، أو تطبيق للهواتف المحمولة، أو تطبيق برمجي داخلي، أو لعبة فيديو، أو روبوت. ويرى مطورو الويب أن التفكير النقدي لا يقل أهمية عن استيعاب البيانات – لذلك توصف البرمجة بأنها مهارة مثالية للأطفال.
أما في مصر، من الصعب تحديد حجم هذه الصناعة: لا يوجد سوى القليل من البيانات الحكومية حول الشركات الخاصة التي تقدم دروسا في التكويد أو البرمجة، وفقا لما قاله ممثلو هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، في تصريحات لإنتربرايز. وقال ممثلو شركة "آي بي إم" إنه لا يوجد سوى بعض الشركات المعتمدة، لذا فإن تكوين نظرة عامة على القطاع أمر صعب. ومن خلال البحث عبر موقع جوجل، يتضح أن هناك 106 دورة برمجة في مصر، لكن المصادر تقول إن العدد الحقيقي أكبر بكثير – ربما بالآلاف. ويظهر محرك البحث "لايمون" أن هناك 449 دورة برمجة متاحة في مصر مقدمة من 292 مزودا، ولكن معظمها دورات أساسية جدا تقدم عبر الإنترنت، والتي تشترط القليل من المتطلبات الأكاديمية للالتحاق بها.
لدى البالغين خيار الالتحاق ببعض الدورات التدريبية التي يقدمها معلمون من خلال مزودي خدمة دوليين – ولكن بأسعار باهظة: إن العثور على دورات تدريبية كاملة بأسعار معقولة يمكنك حضورها شخصيا في مصر يعد أمرا صعبا للغاية، وفقا لما قاله أحد المصادر، والذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته. وتقدم مؤسسة التدريب "ذا نوليدج أكاديمي" التي تأسست في بريطانيا، 42 دورة برمجة مختلفة، وتبلغ تكلفة حضور الدورة التدريبية الواحدة عبر الإنترنت لمدة يومين 1095 دولار، فيما تبلغ تكلفة حضور الدورة التدريبية لمدة يوم واحد 495 دولار. وتقدم شركة "نوبل بروج" التي تأسست في بولندا 30 دورة برمجة في مصر، وتبلغ تكلفة الدورة التدريبية الواحدة لمدة 7 ساعات 2155 دولار في حال الحضور شخصيا و773 دولار عند الحضور عبر الإنترنت، فيما تبلغ تكلفة الدورة التدريبية لمدة 28 ساعة 7270 دولار عند الحضور شخصيا و3090 دولار عند الحضور عبر الإنترنت.
"جو ماي كود" لاعب إقليمي جديد يسعى إلى تقديم بديل بأسعار جيدة: أطلقت الشركة الناشئة التونسية "جو ماي كود" فرعا لها في مصر في منتصف شهر مارس الماضي، وبدأت بتقديم دورة تدريبية كاملة بتفرغ كلي لمدة 20 أسبوعا والعديد من الدورات بتفرغ جزئي لمدة 12 أسبوعا للبالغين، وذلك في مجالات تتراوح ما بين مقدمة حول المجال وتطوير الويب ومقدمة حول الذكاء الاصطناعي، بحسب منسقة التسويق في مصر نسمة السهماوي. وتتميز الشركة بأسعارها المنخفضة بكثير عن شركات الاستشارات الدولية، حيث تصل تكلفة الدورة الكاملة إلى 13 ألف جنيه. ولدى الشركة فروع في 8 دول أفريقية.
أما على المستوى الحكومي، تركز إيتيدا على طلاب المدارس الثانوية: أعلنت إيتيدا عن عزمها تدريب 5 آلاف طالب في سن 15 عاما على أساسيات البرمجة – بما في ذلك "إتش تي إم إل" و"سي إس إس" و"بايثون" – خلال الفترة ما بين عامي 2019 و2020. ونجحت إيتيدا في تدريب 1200 طالب في المرحلة الثانوية و1060 طالب أنهوا دراستهم من 616 مدرسة من كافة المحافظات. إلا أن جائحة "كوفيد-19" تسببت في توقف البرنامج مؤقتا، وفقا لما صرح به ممثل إيتيدا، لإنتربرايز. وأضاف المصدر أن تقديم بعض المهارات الرقمية لـ "إيتيدا" يتم من خلال الشراكة مع مؤسسات "أوداسيتي" و"كورسيرا" وإيد إكس". وأشار إلى توقيع إيتيدا لعقد بقيمة 300 مليون جنيه مع "أوداسيتي" لتقديم الدورات التدريبية في البرمجة للطلاب مجانا.
عدد الشركات الناشئة المحلية الأصغر حجما يفوق بكثير عدد مزودي الخدمة الآخرين، كما أنها تركز على تعليم الأطفال: تقدم العديد من الشركات الناشئة تلك خدماتها للأطفال الذين بداية من عمر 5 أعوام وحتى 16 عاما، وتدرس مزيجا من البرمجة والروبوتات لمجموعات من 4 إلى 6 طلاب. وغالبا ما تتراوح الرسوم الخاصة بفصول الأطفال الأصغر سنا مما بين 150 إلى 300 جنيه للساعة، في حين يمكن أن تتراوح تكلفة الدورات التدريبية الأطول ما بين 2100 جنيه (لمدة 6 أسابيع) و15900 جنيه (لمدة 9 أشهر). ومن أبرز مزودي تلك الدورات التدريبية "آي سكول" و"كودينج فور كيندر" و"إيفولوشن" و"الماكينة". وبدأ العديد من مزودي الخدمة بالتركيز على الروبوتات والتجميع قبل التحول إلى البرمجة والتعليم عبر الإنترنت، وفقا لما قاله شريف أمين، مؤسس شركة "يالا إن كود" الجديدة في السوق. وتابع أمين: "ركزت منذ اليوم الأول على تجربة البرمجة والتكويد والتعلم الإلكتروني. وهذا هو المجال الذي رأيت فيه فجوة في السوق".
لماذا تستهدف العديد من الشركات الناشئة الأطفال؟ لأن هناك فجوة في السوق. يمكن للبالغين الراغبين في تعلم البرمجة أن يحصلوا على شهادة دولية من شركات "مايكروسوفت" أو "سيسكو" أو "أوراكل" أو غيرها، وفقا لما قاله مو عاشور، مؤسس الشركة الناشئة "روبو- تيك إيجيبت" للبرمجة والروبوتات. وأضاف عاشور أنه ليس هناك ما يحفز لإطلاق شركة ناشئة تنافس هؤلاء اللاعبين الكبار.
ينقسم مزودو الخدمة محليا إلى ثلاث مجموعات، وهي كالتالي: المستقلون الذين يقومون بتدريس البرمجة بتفرغ جزئي ويعملون من خلال الكلام الشفهي؛ وشركات مثل "روبو-تك" وهي كيانات ذات علامة تجارية لها وجود عبر الإنترنت ولكن ليس لها موقع مادي دائم؛ وهناك أيضا الشركات التي لديها مراكز على أرض الواقع، بحسب عاشور. وأضاف أن المزودين المستقلين يمكن أن يجدوا أن تدريس البرمجة أمر مربح للغاية. وقالت المصادر إن الشركات الناشئة ذات العلامات التجارية تحقق إيرادات من خلال تقديم الدورات التدريبية الخاصة بها، ولكن في معظم الحالات تضخها في رأس المال لكي تقف تلك الشركات على أقدامها.
تحفز المسابقات الطلب على التعلم، بحسب عاشور. تقول المصادر إن المسابقات المحلية والدولية تعزز الوعي بشأن قيمة تعلم البرمجة كما تساعد في بناء مجتمعات المبرمجين. ومن بين المسابقات البارزة مسابقة البرمجة الجماعية المصرية، والمسابقة الدولية للغواصات الآلية، ومسابقة "كيكستارت كودينج" التابعة لشركة جوجل.
في نهاية المطاف، تعد البرمجة نشاطا ممتعا يقدم مزايا توظيف واضحة، لذا فإن الطلب مرتفع بطبيعة الحال: يرى مؤسسو "كودينج فور كيندر" أنه، بعد أن دفعت جائحة "كوفيد-19" الأشخاص – وخاصة الأطفال – إلى البقاء في المنزل، زاد الطلب على دورات البرمجة التي تقدم عبر الإنترنت على وجه الخصوص. ويرون كذلك أن الطلب على الخدمة تضاعف ثلاث مرات خلال العام الجاري بسبب تداعيات الوباء. وقالوا أيضا "لقد اضطررنا إلى إعادة الهيكلة لأننا لم نتمكن من تقديم الدورات من خلال الحضور شخصيا. لقد أدى ذلك في النهاية إلى زيادة الدعاية لدينا". وقال أمين: "بعد إطلاق يالا إن كود، وصلنا إلى أكثر من 20% من طاقتنا الاستيعابية في غضون أيام قليلة، وأتوقع أن نصل إلى طاقتنا القصوى في غضون أسابيع". وقالت السهماوي "لكن هذا ليس من قبيل المفاجأة. لقد كنت أتوقع هذا. هناك في تونس يمكن لحوالي 85% من الطلاب الذين تخرجوا من جو ماي كود العثور على وظائف بسرعة".
ولكن أين هم كبار اللاعبين من القطاع الخاص؟ يوجد حاليا مساحة كافية في السوق للجميع، لكن البعض ينتظر دخول لاعبين أكبر. ويقول عاشور "لا يوجد حتى الآن الكثير من المنافسة، كما أن الطلب مرتفع بما يكفي للجميع. ولكنني أعتقد أننا قد نرى قريبا المزيد من اللاعبين في السوق، بما في ذلك المشغلين الكبار من القطاع الخاص الذين قد يفكرون في إنشاء شركات برمجة خاصة بهم".
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- من المقرر أن تعلن وزارة التربية والتعليم عن جدول امتحان الشهادة الإعدادية عقب إجازة عيد الفطر.
- توفى الأربعاء الماضي رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا محمد حسن العزازي.