هاتفك الجديد لن يعتمد على السيليكون
يسعى خبراء التكنولوجيا لإيجاد بديل لمادة السيليكون، والتي تدخل في صناعة كل أجهزتنا الإلكترونية الحديثة تقريبا، بحسب وول ستريت جورنال. وعلى الرغم من استخدامه بكفاءة على مدار 70 عاما الماضية، أصبح السيليكون غير قادر على مضاهاة التقدم التكنولوجي المستمر. وبدأ قانون مور، وهي نظرية تنص على أن عدد المحولات التي يمكن أن تتضمنها الرقاقة الإلكترونية المصنوعة من السيليكون يتضاعف سنويا، يتراجع، مما دفع الباحثين على تحديد مئات المواد ثنائية الأبعاد الأخرى التي يمكن استخدامها لتصنيع رقاقات أرفع تستوعب زيادة عدد المحولات. وقد تساعد تلك المواد على ابتكار أجهزة كمبيوتر خارقة بحجم اليد في المستقبل.
ما هي المواد ثنائية الأبعاد؟ تتضمن تلك المواد التي يماثل سمكها حجم الذرة الفوسفور الأسود وثاني كالكوجينيدات المعادن وألواح النانو من نيتريد البورون، بالإضافة إلى الجرافين الذي حصل مكتشفه على جائزة نوبل في الفيزياء. وعلى الرغم من حداثة اكتشافها، أصبحت تلك المواد تستخدم بشكل ثابت في المعامل وفي الأجهزة التي تباع اليوم.
ويستخدم الجرافين لعدة أهداف بينها تبريد بطاريات الهواتف الذكية ولتقوية المعدات الرياضية، وصناعة نماذج أولية للواقيات من الرصاص، كما يستخدم الجرافين لتطوير حساسات حيوية تكشف عن جزيئات فيروسات مثل "كوفيد-19" والأمراض المنقولة بالهواء، وأيضا للكشف عن أي إصابة في أي مادة بيولوجية.
لكن الاستخدام الرئيسي للمواد ثنائية الأبعاد سيكون في تطوير الرقائق الإلكترونية الدقيقة، فيعتقد العلماء أن تطوير الرقائق التي تدعم الفوتونات بدلاً من الإلكترونات يمكن أن تسرع بشكل كبير من قوة أجهزة الكمبيوتر، لأن الضوء ينتقل أسرع بكثير من الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمواد ثنائية الأبعاد أيضا التفوق على السيليكون عندما يتعلق الأمر بضغط الرقائق، وهو أمر شائع بالفعل في ذاكرة الفلاش والأجهزة المحمولة. فنظرا لأن المواد ثنائية الأبعاد رقيقة جدا، فإن ضغط عدد أكبر من الرقائق سيضيف طاقة كبيرة إلى الجهاز دون زيادة حجمه، في حين أن خصائص تبديد الحرارة للجرافين تعني أن الأجهزة لن تواجه مشكلة في ارتفاع درجة الحرارة.
كما يمكن أن يؤدي استخدام الجرافين والسيليكون معا لإنتاج كاميرات أقوى وأقل سمكا وأكثر حساسية، لأن الجرافين يمكن أن يحتوي حساسات أكثر حساسية للضوء بمئات المرات من تلك المصنوعة من السيليكون. كما يمكن للمواد المبنية على الجرافين أن تصنع كاميرات محمولة تعمل بالأشعة تحت الحمراء رخيصة الثمن وعالية الدقة، وهي بالفعل في مرحلة تصنيع النموذج الأولي لها.
ومن المتوقع أن نرى استخدمات للمواد ثنائية الأبعاد خلال العقد المقبل تتضمن إضافة خواص جديدة للأجهزة الحالية مثل رؤية بالأشعة تحت الحمراء للهواتف الذكية وابتكار أجهزة كمبيوتر أقوى وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بالموجودة حاليا. وقد تستخدم أيضا في ابتكار طرق جديدة للتفاعل البشري مع التكنولوجيا، مثل نظم الواقع الواقع المعزز داخل النظارات.
لكن المواد ثنائية الأبعاد لا تزال غير قادرة على التفوق على السيليكون من ناحية التصنيع، وقد يكون هذا هو السبب وراء استمرار الاعتماد على السيليكون. ولا يزال الباحثون يبحثون عن التوازن الصحيح بين الخصائص المطلوبة والتكلفة والقابلية للتصنيع قبل التمكن من استخدام المواد ثنائية الأبعاد على مستوى عام. وحاليا تحتل المواد ثنائية الأبعاد مساحة هامشية في صناعة أشباه الموصلات والتكنولوجيا عموما، ولكن بينما نتوسع في استخدام السيليكون إلى أقصى حد قد يصل له في بحوثنا في الحوسبة الكمية وسعينا لأجهزة أصغر وأسرع من أي وقت مضى، فنحن نمهد للاعتماد على تلك المواد بشكل رئيسي قريبا.