ثمة بصيص أمل في أزمة قناة السويس
فلنبدأ بالأخبار الجيدة، وهي أن سفينة "إيفر جيفن" بدأت في التزحزح من موضعها. وتمكنت القاطرات من تحريك السفينة العملاقة بمسافة 29 مترا أمس، إذ استفادت من أعمال إزالة الرمال والطين التي قامت بها الكراكات لإتاحة المساحة اللازمة للتحرك والقيام بمناورات القطر، بحسب وكالة بلومبرج نقلا عن بيانات لشركة إنشيب لخدمات الشحن. وذكرت رويترز نقلا عن مصادر لم تسمها أن القاطرات تمكنت أيضا من إعادة تشغيل الدفة ومروحة الدفع لتحدث بعض الحركة في مقدمة السفينة.
ومن المستبعد أن نسمع أنباء جديدة قبل عصر اليوم، إذ ستواصل الكراكات عملها حتى الساعة الرابعة عصرا اليوم، على أن يعقب ذلك استئناف أعمال تعويم السفينة، بحسب بلومبرج. وأكدت السفينة الهولندية وصول قاطرتين إضافيتين اليوم، بحسب تصريحات المدير الفني للشركة. ومن المتوقع أن تتاح للقاطرات فرصة أكبر بسبب ارتفاع المد، بحسب ما قاله الضابط السابق في البحرية الإنجليزية توم شارب لوكالة رويترز. ولكن بحسب شارب فإن على القاطرات أن تحذر من تمزيق جسم السفينة العالقة في الرمال من الأمام والخلف.
أما الأخبار السيئة فهي أن هناك المزيد من السفن المتكدسة، حيث وصل عددها لأكثر من 321 سفينة عالقة من الجهتين الشمالية والجنوبية للقناة. وقال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع في مؤتمر صحفي إن إيرادات القناة تتراوح ما بين 12 إلى 14 مليون دولار يوميا وإنها تأثرت بحادث جنوح السفينة (شاهد 60:17 دقيقة).
وقال رئيس هيئة قناة السويس إنه لا يزال من غير الواضح متى يمكن إعادة تعويم السفينة واستئناف حركة الملاحة بقناة السويس، حيث أن ازدياد المد والرياح الشديدة تعقد من جهود تعويم السفينة
فما الذي حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع؟ لم تنجح محاولة التعويم مساء الجمعة الماضية بعدما أعلنت هيئة قناة السويس أنها انتهت من تكريك 17 ألف متر مكعب من الرمال المحيطة بمقدمة سفينة الحاويات البنمية الجانحة. وأكدت شركة سميت الهولندية للإنقاذ البحري والتي تعمل من أجل تعويم السفينة، أن العوامل المتمثلة في وجود قاطرات أثقل وزنا، وكراكات، وارتفاع المد يمكن أن تسهم في تعويم السفينة مع بداية هذا الأسبوع.
الشركة المالكة للسفينة تدرس تخفيف الحمولة: تنظر شركة شوى كيسين المالكة للسفينة في احتمالية اللجوء إلى رفع بعض الحاويات عن ظهر السفينة من أجل تخفيف حمولتها، فيما صرح مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية، مهاب مميش أنه من الممكن الاستعانة بالرافعات العائمة للمشاركة في عملية تخفيف الحمولة. بحسب ما نقلته رويترز. شوي كيسين، التي قدمت اعتذارا عن الحادث نهاية الأسبوع الماضي وقد تواجه مطالبات تأمينية بملايين الدولارات، كانت تأمل في تعويم السفينة إيفرجرين مساء أمس بحد أقصى بسبب ارتباطها باتفاقات مع إيفرجرين التايوانية، بحسب ستاندارد آند بورز جلوبال.
إلا أن الشركة المالكة عادة وأكدت في بيان آخر أن المحاولات أثبتت أن عملية تعويم السفينة صعبة للغاية. ويرجع هذا إلى أن هيئة قناة السويس ليس لديها المعدات اللازمة للوصول لعمق 52 متر وقد تحتاج إلى مساعدة من دول خارجية إذا ما اقتضت الظروف اتباع هذا المخطط، وفقا لما قاله رئيس هيئة قناة السويس، في اتصال هاتفي مع لميس الحديدي (شاهد 15:35 دقيقة). وبالإضافة إلى ذلك، أوضح رئيس هيئة قناة السويس أن ارتفاع الحاويات المحمولة على متن السفينة العالقة يبلغ 52 مترا، وهو ما يجعل عملية تفريغها يستغرق وقتا طويلًا وقال أيضا إن عملية تفريغ حمولة السفينة العالقة سيتطلب الاستعانة بمساعدات من دول خارجية، لعدم توافر السفن ذات الأذرع التي تصل إلى 52 مترا بالهيئة.
الولايات المتحدة تعرض المساعدة، وتؤكد نيتها إرسال معدات لا تملكها دول أخرى، وفق تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن أول أمس الجمعة. ورحبت هيئة قناة السويس ببيان بايدن الذي جاء بعد إعلان مسؤول أمريكي آخر انتظار فريق من خبراء البحرية الأمريكية موافقة سطات قناة السويس للانضمام لعملية تعويم السفينة الجانحة.
تركيا تحاول التقارب مع مصر بتقديم المساعدة: عرضت أنقرة التي تحاول تحسين علاقتها مع القاهرة طيلة الأشهر الماضية، مساعدتها على السلطات المصرية. وقال وزير النقل التركي ادل قره إسماعيل أوغلو " لقد نقلنا عرضنا لمساعدة إخواننا المصريين، وإذا وصلنا رد إيجابي منهم، فإن سفينتنا نانه خاتون واحدة من بين السفن القليلة في العالم التي يمكنها القيام بأعمال من هذا النوع".
بعض السفن بدأت بالفعل في تغيير مسارها: السفينة إيفر جريت، الشقيقة للسفينة العالقة في قناة السويس والمتجهة إلى روتردام، بدأت بالفعل في تغيير مسارها صوب طريق رأس الرجاء الصالح لتفادي التأخير المتوقع من الانتظار حتى إنهاء أزمة القناة، بالإضافة إلى سفن أخرى مثل ناقلة الغاز الطبيعي المسال، بان أميريكاز. بحسب ما أشارت إليه بيانات موقع مارين ترافيك. وقالت مجموعة الشحن "سي إم إيه سي جي إم" أمس إنها ستبدأ بتحويل مسار سفينتين بحيث تسير حول القارة الأفريقية. وبالمثل، قالت شركة إم إس سي إنها غيرت مسار 11 سفينة في محاولة منها لمواصلة حركة تلك البضائع في مسارات أخرى. وبرغم أن الرحلة عبر رأس الرجاء الصالح أطول وأعلى تكلفة فإن شركات الشحن فضلت استخدام الطريق وسط توقعات بعدم إنتهاء الأزمة قبل مرور أيام. بحسب ما نقلته نيويورك تايمز.
وكانت ناقلات النفط التابعة لشركتي "شنيير إنرجي" و"شل" بين 10 ناقلات نفط وسفن حاويات على الأقل قامت بتغيير مسارها لتجنب التعقيدات التي يمكن أن يحدثها إغلاق القناة لفترة أطول، وفقا لما نقلته سي إن بي سي عن المتحدث باسم شركة "مارين ترافيك" جورجيوس هاتسيمانوليس، والذي رجح أيضا أن تغير المزيد من شركات الشحن مسار سفنها إذا ما استمر وقف حركة العبور بقناة السويس.
الشركة المشغلة لخط سوميد تدعو تجار النفط لاستخدام خطوطها، والتي تربط بين العين السخنة والإسكندرية ويمكن استخدامها لنقل الخام بين البحر الأحمر والمتوسط، بحسب ما صرحت به مصادر لرويترز يوم الخميس. وبحسب تصريحات أحد التجار لرويترز فإن السفن الكبيرة التي تحمل أكثر من مليوني برميل يوميا هي من تستطيع تحمل التكلفة الأعلى لخط سوميد.
وارتفعت أسعار خام النفط يوم الجمعة وسط توقعات بتأثر العرض، إذ قفز خام برنت بنسبة 4.2% ليغلق عند 64.57 دولار للبرميل بينما ارتفع خام تكساس بنسبة 4.1% وأغلق عند 60.97 للبرميل. وأسهمت الهجمات الجديدة للحوثيين على منشآت النفط السعودية بالإضافة إلى استمرار خفض الإنتاج من قبل أعضاء أوبك في استمرار الضغوط على أسعار النفط. وبحسب رويترز، قد تساهم أزمة قناة السويس في تأخير 10 طلبيات من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
من الممكن احتواء التأثيرات على أسواق النفط والغاز، وذلك بسبب ضعف الطلب الموسمي على النفط والغاز الطبيعي، فيما يتوقع المحللون أن تعاني الحمولات الأقل حجما من المواد المكررة بين أوروبا وآسيا من تأثيرات أكبر.
تعطل تدفق المنتجات بين آسيا وأوروبا: تتوقع الشركات في كل من آسيا وأوروبا والتي تعتمد بشكل كبير على قناة السويس أن ترتفع تكاليف الشحن مجددا بعد الأزمات التي تعرضت لها خطوط الإمداد جراء فيروس كورونا، بحسب وول ستريت جورنال. ومن المتوقع أن تكون صناعة السيارات، التي تعتمد بدرجة كبيرة على الطلبيات الدائمة والتخزين قصير الأجل، من بين أكبر المتأثرين، بحسب نائب رئيس موديز دانيال هارليد.
الولايات المتحدة قد تتحرك لزيادة النقل عبر الأطلسي: "قد تمثل الظروف الحالية فرصة هائلة للمنتجين الأمريكيين للحصول على بعض الطلبيات في ظل عثرة الطريق الأقصر عبر القناة"، بحسب كارلوس توريس دياز، رئيس قسم أسواق الغاز والطاقة في شركة أبحاث الطاقة النرويجية ريستاد.
العوامل الجوية لم تكن السبب الرئيسي وراء تعطل السفينة الجانحة، وستبدأ هيئة قناة السويس في التحقيق في الحادث من أجل استبعاد حدوث خطأ بشري أو عطل تقني بعد استئناف العمل بقناة السويس، وفقا لما قاله ربيع خلال المؤتمر الصحفي. وثمة تكهنات في الصحافة الأجنبية حول الأسباب الأخرى المحتملة وراء الحادث والتي تتضمن الخطأ البشري وسوء الأحوال الجوية أو أن السفينة كانت تسير بسرعة أو أن على متنها حمولة زائدة، بالنظر إلى طريقة تعطلها بعرض القناة (يمكنك التعرف على تلك السيناريوهات المفترضة من هنا وهنا وهنا).
ونالت القصة تغطية واسعة في مقدمة الصحف العالمية مثل رويترز | أسوشيتيد برس | الجارديان | بي بي سي | فايننشال تايمز | وول ستريت جورنال.
وكذلك أفرد مقدمو برامج التوك شو مساحة كبيرة للحديث عن آخر مستجدات الأزمة، ومن بينهم إيمان الحصري في برنامجها "مساء دي إم سي" (شاهد 3:01 دقيقة)، وعمرو أديب في برنامج الحكاية" (شاهد 13:14 دقيقة).