قوة القلم
أول كاتب عربي يفوز بجائزة نوبل: يعد اسم نجيب محفوظ مرادفا للقاهرة القديمة، التي نقل أدق تفاصيل أزقتها الخلفية المتعرجة في ثلاثيته الشهيرة (1956). وتعتبر الثلاثية أعظم ما أبدع عقل محفوظ، وهي بمثابة نموذج مصغر للمجتمع المصري، وتحكي مسار عائلة لا تختلف عن عائلة محفوظ نفسها عبر ثلاثة أجيال، منذ ثورة 1919 إلى الحرب العالمية الثانية. ولد نجيب محفوظ في حي الجمالية عام 1911، ونشر روايته الأولى عام 1939، وتلاها بأربعين رواية أخرى بخلاف المجموعات القصصية والسيناريوهات والمسرحيات والمقالات، خلال حياة مهنية مميزة.
أبو الرواية العربية: شغل محفوظ وظيفة حكومية بوزارة الأوقاف، وعمل مديرا لمكتب الرقابة، ومستشارا لوزارة الثقافة، ورئيسا للمجلس القومي للسينما. وحافظ خلال كل هذا الوقت على الكتابة مدفوعا بأمور ربما تعتبر وجودية بشكل غير عادي بالنسبة لموظف حكومي، كمرور الوقت، والتوتر بين الفرد والمجتمع، مع مسحة سياسية قوية تظهر في جميع رواياته. أثارت روايته "أولاد حارتنا" (1959) المشهورة أيضا باسم أبناء الجبلاوي، غضب كثيرين ممن اعترضوا على ترميز الله في شخصية الجبلاوي، وهو ما أدى إلى محاولة اغتيال محفوظ عام 1994، والتي تسببت له في إصابات مزمنة. وكانت الرواية ممنوعة من النشر في مصر حتى عام 2006، وهو عام وفاة محفوظ عن عمر ناهز 94 عاما. ويشار إلى محفوظ على نطاق واسع باعتباره أبو الأدب العربي الحديث، وقد نجح في تصوير القاهرة القديمة والحديثة بطريقة وضعتها بقوة على خريطة الأدب العالمي، وكان له الفضل في انتشار شكل الرواية الأوروبية الحديثة في الدول الناطقة بالعربية. حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، ليصبح أول كاتب عربي ينال هذا الامتياز.
سيمون دي بوفوار العرب: مارست الطب والطب النفسي، وكانت ناشطة ونسوية، فنوال السعداوي امرأة ذات مهارات متعددة. ولدت السعداوي في القليوبية عام 1931، ودرست الطب ومارسته طوال معظم حياتها المهنية، وهي تجربة سمحت لها بتوصيل النقاط بين قضايا الطبقة والإمبريالية والنظام الأبوي التي أسهمت في الاعتلال النفسية والجسدية لدى مريضاتها. ومن بين أكثر من 50 عملا لها، ربما يكون كتابها الأكثر شهرة هو "المرأة والجنس" (1972)، والذي يعتبر نصا أساسيا للموجة الثانية من النسوية، ويتناول بصراحة العنف ضد أجساد النساء، وخاصة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
ناشطة نسوية راديكالية حقا: خلال الكثير من قصصها السردية التي تستند بشكل فضفاض إلى حياتها الخاصة أو سيرتها الذاتية العلنية، تتناول السعداوي صحة المرأة والدين والجنس. تعرضت لتجربة السجن لمدة عام في 1981 بعد انتقادها سياسات الرئيس آنذاك أنور السادات، وهي تجربة شكلت أساسا لأحد أشهر أعمالها المتعلقة بالسيرة الذاتية "مذكراتي في سجن النساء" (1986). وبالمثل، فإن أكثر الروايات التي ترجمتها شعبية "امرأة عند نقطة الصفر" تدور أحداثها أيضا في السجن، حيث تروي إحدى السجينات الاعتداءات التي وقعت عليها في عائلتها، والقمع المجتمعي الذي دفعها إلى ارتكاب جريمة قتل. صراحة السعداوي المبكرة في معالجة قضايا المرأة التي ظلت إلى حد كبير في الظل، بالإضافة إلى تركيزها على تجارب شخصياتها النسائية في كيفية سرد قصصها، مهدت الطريق للكُتاب والمفكرين النسويين المعاصرين، الذين لا شك أنهم مدينون لأفكارها التقدمية والتي ربما لا تكون دوما مقبولة. أما بالنسبة لمؤهلاتها النسوية، فإن السعداوي لا تحب مقارنتها ببوفوار، وقد قالت في مقابلة عام 2018: "أنا أكثر راديكالية منها".