نجوم على الشاشة الفضية
نور الشريف .. فنان له رسالة: لا شك أن نور الشريف، الذي قدم ما يقرب من 200 مسلسل تلفزيوني على مدار أربعة عقود قوبلت إما بإشادة من النقاد أو بنجاح تجاري، يعتبر أحد أهم الممثلين في مصر. بدأ الشريف بدور مساعد في الفيلم المقتبس عن رواية نجيب محفوظ "قصر الشوق" عام 1967، وذلك بعد وقت قصير من تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية في العام ذاته. ولم يحصل على دور البطولة حتى عام 1972 في فيلم "مكان للحب"، الذي تدور أحداثه في أعقاب حرب 1967، وهو الوقت الذي بدأ يضع فيه بصمته كممثل لديه نزعة قوية للتعليق على الأحداث الاجتماعية. ويعد دوره في فيلم "الكرنك" (1975) المقتبس أيضا عن نجيب محفوظ أحد الأدوار المهمة التي صنعته أمام الجمهور، إذ يحكي بطريقة حيوية للغاية وموجعة للقلب عن طالب الطب الشاب إسماعيل، الذي يجد نفسه مقبوضا عليه ظلما من قبل الشرطة بعد إحدى المظاهرات. يتعرض إسماعيل، الذي يبدأ الفيلم كشاب حليق الذقن يملأه الأمل في مؤسسات الدولة وسط مجموعة من النشطاء اليساريين، للتعذيب بوحشية ويظهر محبطا ومنكسرا. الفيلم عبارة عن عرض مؤلم بشكل لا يصدق للقسوة، والذي يُظهر قدرات الشريف التمثيلية في وقت مبكر من مسيرته. ويعتبر فيلم "ناجي العلي" عام 1991 عن قصة حياة رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي اغتيل في لندن، والذي أنتجه الشريف وأدى دور البطولة فيه، أحد أكثر أدواره المشحونة بالسياسة، وقد مُنع الفيلم من العرض في السينمات المصرية بعد وقت قصير من إطلاقه، وواجه انتقادات من حكومات المنطقة لتصويره مقاربات الدول العربية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بصورة سلبية.
قناعات شرسة، ومزاج براجماتي: بينما يمكن النظر إلى الإرث الفني لنور الشريف من خلال رسائله السياسية المدروسة بعناية في الفيلم، فإن أعماله التلفزيونية الأقرب إلى التجارية وأدواره الشخصية المعقدة جعلت منه اسما مألوفا لعموم المصريين. وأثارت أدواره في "لن أعيش في جلباب أبي" عام 1996 و"عائلة الحاج متولي" في رمضان 2001 إعجاب الجماهير على نطاق واسع في السنوات الأخيرة. وأسهم بظهوره في عدة أفلام ليوسف شاهين، أبرزها "حدوتة مصرية" عام 1982، في لعب دور مؤثر للغاية في تحقيق نجاح المخرج، ويعتبر الفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية المميزة. وهكذا، فحتى لو تعرض الشريف للإهمال نوعا ما بسبب أدائه أدوارا اجتماعية لاذعة في بعض أفلامه، فإن سحره الفاتن وتواضعه يجعله رمزا في هذا المجال.
أيقونة رومانسية ونهاية تراجيدية: يشار إلى سعاد حسني على نطاق واسع باسم "السندريلا"، وقد قادت موجة من الأفلام الرومانسية المصرية منذ أواخر الخمسينيات وحتى وفاتها الغامضة عام 2001. لكن هذا اللقب لا يعكس التنوع في مسيرتها، والذي يجعلها أيقونة سينمائية حقيقية. بدأت حسني الغناء للجمهور في سن الثالثة ضمن برنامج الأطفال الإذاعي بابا شارو. وجاء انتقالها إلى السينما عندما مثلت دور نعيمة، وهي فتاة صغيرة تطارد الحب بدلا من الثروة ورغبات والدها، وذلك في فيلم "حسن ونعيمة" (1959). وغالبا ما مثلت أدوارا تصورها كفتاة شابة بريئة وشبه ساذجة، مثل دورها في "صغيرة على الحب" (1966) و"خلي بالك من زوزو" (1972). ورغم أن بعض أفلامها المبكرة هذه رسمت صورة نمطية للممثلات باعتبارهن أشياء يشتهيها الرجال، فإنها سلطت الضوء كذلك على توازنات القوى في العلاقات المصرية كما في "القاهرة 30" (1966)، حين أدت دور شخصية تواجه عوز الفقر من ناحية والعبودية المنزلية لرجل ثري من ناحية أخرى.
المزيد من الرسائل الصريحة: بدأت حسني تمثل في أفلام تتناول بشكل مباشر القضايا الاجتماعية والسياسية في السبعينيات، مما وسع نطاقها إلى ما هو أبعد من مجرد حبيبة، وهو الدور الذي اشتهرت به خلال العقد الأول من عملها. وكان دورها في كل من "على من نطلق الرصاص؟" (1975) و"الكرنك" (1975) نموذجا للفتاة الجامعية التي تتعرض لوحشية البيئة السياسية المحيطة في أعقاب حرب 1967. وتتسم شخصيتها في الفيلمين بكونها شجاعة ومتعلمة ومستقلة، وتظل محتفظة برباطة جأشها رغم كمية العداء التي تحيط بها. وفي حين أنها دون شك واحدة من أكثر الممثلات المحبوبات في أنحاء العالم العربي، تحدت سعاد حسني أيضا العديد من المفاهيم القديمة حول المجتمع والمرأة، سواء سرا أو وجها لوجه.