إنتربرايز تحاور رائد المناخ للرئاسة المصرية محمود محيي الدين (الجزء الثاني)
ما هو دور القطاع الخاص في معالجة أزمة المناخ: على المستوى العالمي، بالكاد حقق العالم تأثيرا إيجابيا من خلال هدف تمويل المناخ البالغ 100 مليار دولار، مع الأخذ في الاعتبار أن الفاتورة الحقيقية هي في الواقع بتريليونات الدولارات، حسبما أخبرنا محمود محيي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية في الجزء الأول من حواره معنا. ما زال أمام العالم الكثير لفعله، لذا فإن الأسئلة الكبيرة هي: ما هي الطرق العملية الفعلية التي يمكننا بها معالجة فجوة التمويل الهائلة؟ ومن المسؤول عن ذلك بالأساس؟ هل الأمر متروك للحكومات أم للقطاع الخاص؟
في الجزء الثاني من الحوار، يتطرق محيي الدين إلى الأسئلة الصعبة حول تمويل المناخ، من دور القطاع الخاص – خاصة الشركات متوسطة الحجم- مقابل دور الحكومات، ومن ديون المناخ إلى استثمارات المناخ. ويعطينا محيي الدين أيضا لمحة عن ما سنراه في COP27.
هل فاتكم قراءة الجزء الأول؟ يمكنكم قراءته بالكامل من هنا.
أبرز ما جاء في الحوار –
- يعتبر القطاع الخاص في وضع أفضل لقيادة جهود “التخفيف” (خفض البصمة الكربونية بصورة جماعية)، بينما تحتاج الحكومات إلى قيادة جهود “التكيف” (التعامل مع التداعيات، بما في ذلك تآكل السواحل، والحفاظ على المدن صالحة للسكن).
- المزيد من الديون ليس الحل. تحتاج الاقتصادات المتقدمة إلى الاستثمار في التخفيف والتكيف في الأسواق الناشئة.
- مؤتمر COP27 هو مجرد بداية. وينوي محيي الدين متابعة العمل من خلال COP28 مع رائد المناخ الذي ستعينه الإمارات العربية المتحدة.
- يقدم محيي الدين نظرة عامة على ما يمكن أن تتوقعه خلال أيام المؤتمر.
إنتربرايز: ما هو دور القطاع الخاص مقابل دور الدولة في سد الفجوة؟
محيي الدين: كما قلت سابقا، فإن حجم الفجوة يتجاوز تريليونات الدولارات، وليس المليارات. ونحن لا نقدم حتى المليارات. القطاع الخاص ليس الحل الوحيد، لكن له دور كبير.
يعرف القطاع الخاص بصورة ما دوره في كيفية المشاركة في التخفيف، وإزالة الكربون، ومشاريع الطاقة الشمسية مثل مشروع بنبان في مصر أو مشروع ورزازات في المغرب. تستثمر الشركات الخاصة في مزارع الرياح، وفي حالة مصر، تستثمر في الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء. كل هذه شراكات بين القطاعين الخاص والعام. وأنا أذكر القطاع الخاص أولا لأن القطاع الخاص يجلب التكنولوجيا والتمويل بينما يوفر القطاع العام الأرض والإطار التنظيمي.
إنتربرايز: هل يمكن أن يلعب القطاع الخاص دورا في التكيف؟
محيي الدين: أعتقد أن ممارسة هذا الدور سيكون صعب. فما هي الفوائد الاقتصادية التي ستعود على القطاع الخاص من ذلك؟ الفوائد الاقتصادية غير واضحة في جهود التكيف، ولكن إذا نظرت إلى العلاقة بين الطاقة والمياه والغذاء والزراعة، أعتقد أنه يمكننا رؤية مجالا للقطاع الخاص للقيام بدور جيد بالتكيف.
إنتربرايز: وماذا عن الدولة؟
محيي الدين: يمكننا الحديث عن هذا الأمر باعتباره “الفيل في الغرفة”. فالمالية العامة في الاقتصادات النامية مسؤولة عن التعامل مع جزء كبير من أجندة العمل المناخي، لا سيما في التكيف، وكذلك في التخفيف. يمكننا رؤية حجم الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر. هذه الاستثمارات إما عامة أو من خلال شراكات بين القطاعين الخاص والعام.
أود أن أقول إن التخفيف يحتاج حقا إلى المزيد من مساهمة القطاع الخاص المحلي والأجنبي، في ظل توافر الإطار التنظيمي من جانب القطاع العام، مع وجود مجال للتمويل من قبل المؤسسات الدولية التنموية.
لكن التكيف هو في الأساس مسؤولية موازنات الدول. أعتقد أننا بحاجة إلى دمج أهداف التنمية المستدامة في الموازنة العامة للدولة. ولكن الدمج هو الحد الأدنى، والخطوة المقبلة هي موازنة الظل الخاصة بأهداف الاستدامة، وبعد ذلك وهو الهدف الأسمى، هو أن تتمحور الموازنة ذاتها حول أهداف التنمية المستدامة التي تشمل البنية التحتية والصحة والتعليم والمرونة والحوكمة. يجب دمج أي شخص يستفيد من موازنة الدولة مع أولويات أهداف التنمية المستدامة للتحديات الحالية والمستقبلية.
إنتربرايز: لقد تحدثت سابقا عن الحاجة إلى القيام بكل هذا دون زيادة الديون، فكيف ذلك؟
محيي الدين: نعم. يأتي أكثر من 60% من تمويل العمل المناخي من أدوات الدين. وأشعر بالقلق من أن نحو 12-13% فقط من هذا التمويل يأتي في أشكال ديون ميسرة. وفي عالم يواجه مجموعة متنوعة من تحديات الديون، مع ارتفاع تكلفة الاستثمار، وارتفاع أسعار الفائدة، فنحن بحاجة إلى آليات لتخفيض الديون ويجب أن يكون التركيز بدلا من ذلك على الاستثمار.
ليس من العدل أن تطلب من الدول التي لم تكن مسؤولة عن تدهور المناخ الاقتراض بأسعار الفائدة التجارية المرتفعة.
أقول هذا منذ سنوات، والحقيقة البسيطة هي أن دول العالم النامي اليوم تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الدول التي لديها “مشكلة” إدارة الديون، والدول التي تعاني من “أزمة” إدارة الديون، والدول التي تواجه “كارثة” إدارة الديون. ويمكن تقسيم الدول بناء على المرحلة التي تمر بها.
الحقيقة هي أنه يمكن التعامل مع قضايا الديون. وهناك حلول تاريخية لذلك، وهي إما حلول تقنية أو حلول مبتكرة. ما أقوله هو: لا تضيفوا المزيد إلى تلك المشكلة.
إنتربرايز: كيف يمكن تخفيض الديون؟
محيي الدين: تشمل آليات تخفيض الديون بالطبع، مقايضة الديون. هناك جيل جديد من عمليات مقايضة الديون، وأنا سعيد أنه سيجري مناقشتها في اليوم الخاص بالتمويل في المؤتمر. الفكرة الجديدة هي ربط تخفيض الديون بالمساهمات المحددة وطنيا الخاصة بكل دولة. سيعالج ذلك مشكلة تكاليف المعاملات المنخفضة والمرتفعة. لا يرتبط ذلك فقط بالمشاريع، ولكن يرتبط أيضا بمؤشرات الأداء الرئيسية.
وهناك فكرة إنشاء أسواق الكربون. أنا سعيد أن مصر تعمل عن قرب مع المؤسسات الأفريقية، وبورصتي لندن وسنغافورة لإنشاء سوق للكربون مصممة لتلبية احتياجات وأولويات الاقتصادات النامية. ستستفيد تلك المبادرة من بعض أسواق الكربون الأكثر تقدما في العالم، والتي توجد في أوروبا. نحن بحاجة إلى الاستفادة من تجربة أوروبا ليس فقط “لنسخ” هيكل سوق الكربون، ولكن لنكون أكثر ابتكارا، ومصممة وفقا للاحتياجات الأفريقية. ربما يجب أن نتحدث مع رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية محمد فريد أو السفير محمد نصر مدير إدارة البيئة والتنمية المستدامة بوزارة الخارجية.
إنتربرايز- كتبت مؤخرا مقالا عن “الغسل الأخضر” والطرح الذي قدمته مجلة الإيكونوميست، بأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية يجب أن تختزل فقط في “الانبعاثات”.
محمود محيي الدين: النقاش حول تمويل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والمخاوف بشأن الغسل الأخضر أمران مهمان، لكن هذا لا يعني عدم الاستفادة من الفوائد قبل تجنب السلبيات. أولا، القول بأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لن تنقذ الكوكب هو أمر اختزالي. وثانيا، هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به تحت مظلة الحوكمة لجلب الصناعة والتمويل والمنظمين للانخراط في محادثات هادفة. هذه هي الطريقة التي تجذب القطاع الخاص – الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية هي أساس هذا الاتجاه.
إنتربرايز- إلى أي مدى نحن متأخرون كقادة أعمال في مصر عندما يتعلق الأمر بالتفكير في المناخ مقارنة، على سبيل المثال، بدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخرى؟ والدول الأوروبية؟
محمود محيي الدين: لا يهم مكاننا. يتعلق الأمر بثلاثة أشياء: أولا، مدى المعرفة والانفتاح في مجتمع الأعمال. كم مرة حضروا الاجتماعات والمؤتمرات الكبيرة ذات الصلة؟ بالنسبة للعديد من قادة الأعمال ورؤساء الشركات متوسطة الحجم، سيكون هذا هو أول مؤتمر للمناخ يحضروه شخصيا على الإطلاق، وربما حتى أول COP يتابعونه في الأخبار.
ثانيا، يتعلق الأمر بهيكل الحوافز. إلى أي مدى يشجع القانون والإطار التنظيمي للقطاع المالي مجتمع الأعمال وصناعة الخدمات المالية على التعامل مع المناخ بجدية؟
في النهاية، تتجاوب الأعمال مع سياسة العصا والجزرة – في كل مكان، ليس فقط في مصر أو الشرق الأوسط.
ثالثا، يتعلق الأمر بالمعتقدات الشخصية لقادة الأعمال بأنه من الممكن القيام بعمل جيد وعدم الإضرار بالآخرين في نفس الوقت. هذا يحتاج إلى تجاوز المسؤولية الاجتماعية للشركات، وأن يتجاوز المساهمات المتقطعة في المجتمع. يتعلق الأمر بإدراج الاستدامة في عملك وسلسلة التوريد الخاصة بك. والحوافز لن تأتي فقط من داخل الدولة. ستؤثر الحوافز بشكل كبير على قدرتك على التصدير. بصمتك الكربونية وكيفية إدارة وتمويل عملك.
خضت مناقشات مع بعض الشركات الرائدة في مجال المال والأعمال في مصر. رؤساء اتحادات البنوك والصناعة والغرف التجارية. في اجتماعي الثاني بعد محاضرة ألقيتها في جامعة القاهرة في شهر مارس، تحدثنا عن الفرص والفرص الضائعة المحتملة إذا لم يشارك الجميع – ليس فقط كقادة، ولكن الجميع – في المجتمع.
أناس مثل هؤلاء مطلعون بسبب مناصبهم وسفرهم وحضورهم للاجتماعات والمؤتمرات. لكن الأمر يتعلق بالتواصل مع الكل لإشراكهم.
أعتقد أنه من المهم أن نتذكر أنه يجري دائما تجاهل الشركات متوسطة الحجم في المناقشات، وليس فقط في مصر. اللاعبون الكبار والشركات الصغيرة والمتوسطة تحظى بكل الاهتمام، لكن الشركات متوسطة الحجم؟ هم من ينشئون الوظائف وهم المصدرون الكبار في المستقبل. للتعامل مع هذه المشكلة، نجري مسابقة عبر 27 محافظة على أساس ست فئات: كبيرة ومتوسطة وصغيرة / متناهية الصغر (تتعلق بمبادرة حياة كريمة)، وتلك التي تقودها النساء، والشركات الناشئة، والمشروعات المجتمعية. سيكون لدينا مسابقة تمتد لعدة أشهر لاختيار أذكى هذه الشركات وأكثرها خضرة – نحن نختار ثلاثة من كل نوع. لذلك على مستوى الدولة، سنختار 18 شركة لنقدمها في شرم الشيخ. يتعلق الأمر بإنشاء أساس لخريطة استثمارية على مستوى المحافظات.
سنجري هذه المسابقة كل عام لتعزيز مشاركة المعرفة مع الكثير من الاستثمار في تدريب المدربين، مع وجود رقمي جديد للمساعدة في تثقيف المجتمع للمضي قدما.
إنتربرايز: إذًا، كيف سيكون شكل COP 27 من وجهة نظر رئيس شركة مصري يحضر لأول مرة؟
محيي الدين: هذه القمة، السابعة والعشرون في سلسلة مستمرة، كما يوحي الاسم. إنه ليس مؤتمر. يحتاج القراء إلى وضع علامة على جداول أعمالهم في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر ثم تحديد الاجتماعات والأحداث التي يهتمون بحضورها أكثر من غيرها، والتي تكون أكثر صلة بهم. هناك العديد من الأحداث المفتوحة وأخرى من خلال الدعوات فقط. يحتاجون إلى التسجيل ويحتاجون إلى تحديد الجلسات التي تهمهم.
تنعقد قمة قادة العالم في الفترة من 7 إلى 8 نوفمبر، لذلك سيحتاج الناس إلى القدوم بحلول 5 أو 6 نوفمبر. في قمة القادة، ستستمع إلى آراء رؤساء الدول والحكومات – الرؤساء ورؤساء الوزراء وأيضا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وغيرها من منظمات الأمم المتحدة المعنية.
ثم تبدأ الأحداث الممتعة. هناك نوعان من الأحداث: أحداث رئاسة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف ثم أحداث العمل المناخي المنظمة (يمكنكم الاطلاع على القائمة الكاملة للأحداث هنا). ستكون الأيام ذات الموضوعات المحددة تفاعلية للغاية:
- يوم التمويل في 9 نوفمبر – سنتحدث أكثر عن التمويل؛
- يوم العلم والشباب والأجيال القادمة في 10 نوفمبر؛
- يوم عزل الكربون في 11 نوفمبر، وهناك الكثير للمناقشة هنا، من الطاقة والتنقل إلى الفولاذ والأسمنت ومواد البناء – هناك الكثير من الابتكارات التي تحدث هنا؛
- أما يوم التكيف والزراعة فسيكون في 12 نوفمبر.
- يقام يوم المساواة بين الجنسين والمياه في 14 نوفمبر؛
- يوم الطاقة والمجتمع المدني هو 15 نوفمبر – يمكنك أن تتوقع أن تحظى الطاقة بقدر كبير من الاهتمام، لأسباب واضحة؛
- يوم التنوع البيولوجي هو 16 نوفمبر، وهو أيضا اليوم الذي سنركز فيه على قطاع النقل
- يوم المستوطنات البشرية والحلول هو 17 نوفمبر، وذلك عندما نناقش المدن المستدامة والمباني الخضراء والبنى التحتية المرنة والمزيد.
الأمر المشترك بين كل هذه الأيام والمناقشات هو أن التركيز ينصب في المقام الأول على التنفيذ. يتعلق الأمر بوضع أنظمة البيانات التي نحتاجها. يتعلق الأمر بالقيادة على جميع المستويات. وهو بالتأكيد يتعلق بالتمويل.