خدمات النقل التشاركي: توظيف التكنولوجيا لإتاحة الفرص الاقتصادية
وقت ابتكار السيارات لأول مرة، كان الناس يسيرون أمامها ملوحين بالأعلام الحمراء كإجراء وقائي، وعلى ما يبدو كانت تلك وسيلة معقولة للتعامل مع التكنولوجيا الجديدة واحتوائها في ذلك الوقت. الآن وقد تغيرت الدنيا، واختلفت الأوضاع كثيرًا على أرض الواقع، فقد تغيرت أيضًا الأنظمة التي تتعامل مع التكنولوجيا إذ تحتوي طرقات العالم حاليًا على ما يقدر بنحو مليار سيارة، وهذا العدد في تزايد مستمر.
وبما أن السيارة تعد من أغلى السلع التي يمكن شرائها، وكل سيارة تحتاج إلى موقف للانتظار، فقد بدأت التكنولوجيا مرة أخرى في تغيير مفهومنا لكيفية التنقل داخل المدن وحولها – دون الحاجة أصلاً لامتلاك سيارة، وذلك عن طريق تطبيق أوبر الذي يوفر منظومة متكاملة للتواصل بين الأفراد من أجل تنظيم عملية الانتقال التشاركي بطريقة آمنة وموثوقة وبأسعار معقولة، في أكثر من 500 مدينة و70 بلدا حول العالم.
قبل ست سنوات فقط، لم تكن تكنولوجيا الهواتف المحمولة قادرة على احتمال وتشغيل تطبيق أوبر، وكانت عملية استحداث الإطار التنظيمي تسير بوتيرة بطيئة جدًا في العديد من البلدان. ولكن عندما تُوضع القواعد بطريقه تخدم المستهلكين أولا، يمكن لتطبيقات مثل أوبر أن تساعد في تخفيف أعباء الحياة داخل المدن المزدحمة. وعلى هذه الخلفية نأمل أن يكون لمصر دورا قياديا في هذا الأمر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
جدير بالذكر أن التكلفة الاقتصادية الناتجة عن الازدحام المروري في القاهرة تصل إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، وفقا لتقرير للبنك الدولي الصادر عام 2014. ويعني ذلك أن تكلفة الازدحام المروري في مصر تصل إلى 50 مليار جنيه سنويا (5.6 مليار دولار). ويقدر التقرير حجم الحركة المرورية بنحو 7 آلاف سيارة تمر في الساعة بالطرق الرئيسية مثل الطريق الدائري، وكوبري 6 أكتوبر، وبالتالي فإن الإخفاق في التعامل مع الازدحام الهائل سيؤدي إلى مزيد من التلوث ناهيك عن التأثير السلبي على معدلات النمو الاقتصادي.
وكما هو متوقع، فإن خدمات مثل التي يوفرها تطبيق أوبر تحظى بإقبال مرتفع للغاية من المواطنين في القاهرة. وبالنسبة للسائقين، فإن هناك المزيد من فرص العمل المتوفرة لهم، كما أن العمل من خلال أوبر يناسب ظروف معيشتهم في القاهرة، إذ أن بإمكانهم تحديد متى وأين يعملون، ومتى لا يعملون. وحاليا، يعمل نحو 70% من السائقين مع أوبر بدوام جزئي لتحسين دخلهم الشهري، علمًا بأن 40% تقريبًا من السائقين الحاليين كانوا عاطلين عن العمل قبل انضمامهم إلى أوبر، فيما نجح البعض في الانتقال من العمل على سيارة واحدة إلى امتلاك مشروعات صغيرة وتوظيف الآخرين لحسابهم. وحتى أغسطس 2016، يستخدم 30 ألف سائق، الوسائل التكنولوجية التي توفرها أوبر من أجل تسهيل عملهم.
ومن جهة أخرى يمكن لبعض الخدمات مثل أوبر أن تكون ذات تأثير ايجابي كبير وواضح على الحكومات، وذلك بتغيير طبيعة القطاعات الاقتصادية التي يتم التعامل فيها نقدا خارج رقابة الدولة، ومع تجاوز نسبة العاملين في القطاع غير الرسمي في مصر لنحو 40%، فإن معظم إيرادات القطاع تعد جزء من الاقتصاد غير الرسمي. وفي العديد من المدن حول العالم، فإننا نعمل مع الهيئات الضريبية لإنشاء وتعميم النظم الإلكترونية التي تسمح للأفراد الذين يعملون لحسابهم الخاص مثل سائقي أوبر بالإعلان عن دخولهم عبر الإنترنت وبالتالي يسهل احتساب الوعاء الضريبي من خلال ضغطة زر.
ونرى الآن مؤسسات حكومية في جميع أنحاء العالم تعقد شراكات استراتيجية مع شركات تقديم خدمات النقل التشاركي لدعم الاقتصاد وتقديم المزيد من المزايا الاجتماعية التي تستطيع توفيرها. وعلى سبيل المثال، فإن الحكومة في باكستان قامت بتوقيع مذكرة تفاهم الأسبوع الماضي مع شركة أوبر، كما حدث ذلك أيضا في يونيو الماضي مع وزارة الاقتصاد في دولة لاتفيا. وكنتيجة لذلك، تسابقت تلك الدول للوصول إلى طليعة الأسواق التي تسعى لتحسين ظروفها الاقتصادية، وتتنافس مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، لتصبح الأولى في تقديم مفاهيم واضحة لكيفية عمل مثل تلك الخدمات المتعلقة بنظرية الاقتصاد التشاركي.
قواعد اللعبة الجديدة تتبلور ببساطة في الإيمان بأن المواطن له كامل الحق والحرية في توصيل مواطن آخر بالسيارة داخل المدينة، طالما أنه كان هناك التزام بضوابط الأمان وحماية العميل.
هناك بديل لعالم تشبه طرقاته مواقف السيارات ويتحرك كما لو كان في حالة اختناق مروري مزمن. يمكن لكلٍ من أوبر ومصر معا التأكيد على أن الاقتصاد التشاركي يزيد من خيارات التنقل، ويقدم فرصاً اقتصاديةً جديدة لآلاف الأفراد بما يساهم في تحسين الأوضاع المعيشية بالبلاد.
ونأمل أن يتم التجاوب مع الحماس والإقبال الكبير على أعمال أوبر في مصر من خلال الوصول وبسرعة إلى إطار عملي تنظيمي يكفل عشرات الآلاف من الفرص الاقتصادية التي تم خلقها – وكذلك تزويد الركاب بوسيلة التنقل الآمنة والموثوق بها.
وتتمثل رؤيتنا في وضع إطار عمل يواصل السماح بساعات عمل مرنة، ووظائف تسمح بدوام عمل جزئي، ووظائف للمرأة دون أن تكون بها قيود أو محاذير، وهو ما يعني تخفيف القيود وتقليل المتطلبات اللازمة للانضمام لمنظومة العمل الابتكارية التي يوفرها تطبيق أوبر، وهو الأمر الذي يعني مشاركة المزيد من المصريين في هذه الفرصة من أجل التمكين الاقتصادي.
تستثمر أوبر 500 مليون دولار في السوق المصري لإيمانها بتوافر المقومات التي تجعل منها إحدى الأسواق الأكثر تقدماً من حيث دمج التكنولوجيا الحديثة ضمن برامج التنمية المستدامة التي تتبناها.
أنطوني خوري، مدير عام أوبر مصر