كيف ساعد الابتكار بعض الشركات على تخطي الجائحة؟
التركيز على الابتكار ساعد بعض الشركات في اجتياز الجائحة. وثمة بعض الدروس التي يمكن أن نتعلمها. هذه الشركات التي ازدهرت منذ تفشي وباء "كوفيد-19"، أعطت الأولوية للابتكار بدلا من الاستمرار في العمل بالطريقة المعتادة، وتنكيس رؤوسهم معلقين الأمل على البقاء، حسبما جاء في مقال رأي نشرته صحيفة فايننشال تايمز مؤخرا. وفي وسط الاضطرابات الناجمة عن الجائحة، رأت تلك الشركات فرصة للنمو من خلال طرح منتجات وخدمات جديدة وتعزيز الدرس الذي أكده التاريخ: مع الأزمات والمخاطر تأتي آفاق النمو. رأينا الكثير من الأمثلة على ذلك في مصر، من الطفرة الكبيرة للتكنولوجيا المالية، وتطبيقات تكنولوجيا الرعاية الصحية، وبينما كانت كل شركة تعمل بطريقتها الخاصة، تقول فايننشال تايمز إن هناك ثلاثة دروس مشتركة يمكن أن نتعلمها من ذلك.
الدرس الأول الأساسي: عندما تقع الأزمات، تتغير المزايا التنافسية. هناك أسباب وجيهة تدعو للتركيز على الابتكار في أوقات الأزمات، لأن المزايا التنافسية تتغير بسرعة استجابة لتغير ظروف السوق، حسبما يشير استطلاع أجرته شركة ماكينزي. شمل المسح استجابات أكثر من 200 مؤسسة تعمل في مختلف القطاعات، للجائحة.
الابتكار بهدف الخروج من وضع سيئ أمر رائع، لكنه ليس السائد: من بين الشركات التي شملها مسح ماكينزي، وحتى تلك التي أعطت الأولوية للابتكار قبل الجائحة وكانت بصفة عامة مستعدة عندما تفشت الجائحة، لم يفضل الكثيرون المخاطرة والابتكار. وخلال الجائحة اعتبرت 23% من الشركات التي شاركت في المسح الابتكار أولوية قصوى، مقارنة بـ 55% قبل الجائحة.
وقيادات الشركات ليست لديهم ثقة في المجازفة: وجدت ماكينزي أن 21% فقط من المديرين التنفيذيين الذي أجرت مقابلات معهم، شعروا بالاستعداد لتنفيذ استراتيجيات نمو جديدة خلال الـ 12 شهرا التي تلت المسح، مقارنة بـ 47% شعروا بالقدرة على تنفيذ أعمالهم الأساسية.
يجب إعطاء الأولوية للإجراءات الاستشرافية قبل تقليل المخاطر ودعم الأعمال الأساسية، بحسب ماكينزي. يتضمن ذلك، تكييف الأعمال الأساسية لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة، وتحديد واقتناص مجالات جديدة للنمو المحتمل، وإعادة تخصيص الموارد لمجالات الابتكار، وبناء أساس قوي للنمو في مرحلة ما بعد الأزمة.
في أبريل 2020، دعت إنتربرايز الرؤساء التنفيذيين ورواد الأعمال والمستثمرين إلى قضاء بعض الوقت في النظر إلى ما هو أبعد من التأثير المباشر للجائحة، وطرح أسئلة كبيرة حول ما أرادوا تحقيقه، وتشكيل مسارات النمو المستقبلية بشكل استباقي، بدلا من السماح بالتغيير أن يحدث لهم فحسب. تتيح الأزمة فرصة لإعادة تصور أهدافنا وكيف يمكن تحقيقها، وإعادة هيكلتها، وبناء شيء جديد.
الدرس الأساسي الثاني: ابتكر قبل الأزمة وليس في وقت حدوثها فقط. الابتكار يكون أفضل عندما يتخذ نهجا طويل المدى، كما تقول فايننشال تايمز، مضيفة أن الشركات التي تبتكر قبل الأزمة سيكون في الغالب لديها الهيكل التنظيمي والموهبة اللازمة للابتكار خلال الأزمة.
هل نحن أمام خيار التكيف أم الهلاك؟ العديد من الشركات لم تبتكر استجابة للجائحة، ولم تنج نتيجة لذلك، حسبما كتب سيرجي نيتيسين، الأستاذ في جامعة بنسلفانيا، في مقال رأي بفايننشال تايمز العام الماضي. الشركات التي نجت كانت تميل إلى أن تكون أكثر ذكاء في إيجاد مصادر جديدة للإيرادات، وإعادة ابتكار أعمالها، وفقا للبنك الدولي.
الدرس الثالث: الابتكار لا يعني التخلي عن نموذج أعمالك الحالي. كي تتمكن شركة ما من الخروج بقوة من الركود، فعليها اتخاذ مزيج من الحركات الدفاعية والهجومية في آن واحد، طبقا لدراسة حديثة لهارفارد بزنس ريفيو. يعني ذلك دوما التخلص من الكثير من الأمور المكلفة غير المهمة من أجل القيام باستثمارات كبيرة في أماكن أخرى. الغرض ليس تغيير نشاطك أو إعادة ابتكاره بالكامل، ولكن البحث عن طرق جديدة للنمو. يصف بعض قادة الأعمال هذه العملية بـ "التمحور"، لأن الشركات تترك قدما على الأرض بينما تدور بالأخري لتطوير ما كانت تفعله"، كما تقول فايننشال تايمز.