الرجوع للعدد الكامل
الإثنين, 14 نوفمبر 2022

الملابس المستعملة: سوق نشطة في الخارج وشركات مصرية تحاول اللحاق بالركب

هل تختفي وصمة الملابس المستعملة في مصر؟ الوصمة المجتمعية التي ارتبطت بالملابس المستعملة لسنوات طويلة على ما يبدو في طريقها للتقلص تدريجيا في مصر. ويميل المزيد من المستهلكين حاليا من مختلف شرائح الدخل إلى شراء ملابس مستعملة أو مملوكة لغيرهم مسبقا سواء لانخفاض تكلفتها مقارنة بنظيرتها الجديدة، خاصة وسط معدلات التضخم المرتفعة وتعويم الجنيه، أو لتقليل استهلاكهم بسبب شواغل بيئية، ويحاول عدد من الشركات الاستفادة من هذا التحول.

شراء الملابس المستعملة من ضمن توصيات أخرى يقدمها البنك الدولي لجعل صناعة الملابس أكثر استدامة. وتساهم صناعة الأزياء بما يصل إلى 10% من انبعاثات الكربون العالمية السنوية، أكثر مما تسهم به الرحلات الجوية الدولية والشحن مجتمعين، وفقا للأمم المتحدة. ومن المرتقب أن ترتفع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في صناعة الأزياء بأكثر من 50% بحلول عام 2030، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وتستخدم صناعة الأزياء 93 مليار متر مكعب من المياه سنويا – وهو ما يكفي لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية لخمسة ملايين شخص.

عمالقة الموضة السريعة يحاولون تحسين صورتهم: مؤخرا، اقتحم عملاق الموضة السريعة الإسباني زارا – الذي يواجه اتهامات بتلويث البيئة – سوق الملابس المستعملة، على خطى منافسه إتش أند إموأعلن أنه سيساعد المتسوقين في المملكة المتحدة على إعادة بيع أو إصلاح أو التبرع بملابسهم المستعملة التي اشتروها من السلسلة، وذلك في محاولة للحد من تأثيرها على البيئة، في خدمة من المقرر إطلاقها في الثالث من نوفمبر المقبل.

وتقدر قيمة سوق الملابس المستعملة والمعاد بيعها إعادة بـ 96 مليار دولار في عام 2021، ومن المرتقب أن ترتفع هذه القيمة ارتفاعا سريعا خلال الأعوام المقبلة لتصل إلى 218 مليار دولار في عام 2026، وفقا لشركة ستاتيستا.

استوردت مصر 5271 طنا من الملابس المستعملة بقيمة 6.6 مليون دولار في عام 2019، قبل أن تنخفض في عام الجائحة 2020 إلى 2812 طن بقيمة 2.3 مليون دولار، وفقا لنشرتي التجارة الخارجية الصادرتين عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة في 2020 و2021. وأشهر الأسواق التي يشتري منها الناس الملابس المستعملة في مصر سوق "وكالة البلح"، إلى جانب خيارات أخرى مثل مجموعات فيسبوك أو تجمعات الجراج سيل، وهناك شركات مصرية اقتحمت الصناعة في السنوات الأخيرة.

وتتفق هبة الدسوقي، مؤسسة شركة As Good As New، أن هناك تغييرا في ثقافة الناس بسبب التأثير البيئي الناجم عن صناعة الأزياء، موضحة في حديثها لإنتربرايز "بدأ الناس في إعادة التفكير في قراراتهم المتعلقة بالشراء حتى لا تضر البيئة. وهناك تغيير كبير في تفكير الناس حول مسألة أنه ينبغي أن نشتري كل شيء جديد وعصري، ويتجلى ذلك في الأجيال الجديدة من جيلي الألفية وزد على إنستجرام وتيك توك إذ يفضلون أن يكونوا "حقيقيين" أكثر من كونهم "عصريين" أو على الموضة. وقد يختاروا ارتداء أي شيء حتى لو كان قديما أو كلاسيكيا، المهم أن يعجبهم ويناسب ذوقهم".

هناك أشياء في ثقافتنا ينبغي أن تتغير، مثل أنه لا ينبغي أن أرتدي فستانا مرتين، بحسب الدسوقي، مضيفة أنها معتقدات عفا عليها الزمن، وهناك العديد من المشاهير والممثلات يرتدون الأزياء مرة وأكثر، مستشهدة بواقعة أنجلينا جولي وابنتها، حيث ارتدت الابنة فستان والدتها بعد سبعة أعوام.

الشباب والمراهقون المحركان الأكبر لنمو سوق الملابس المستعملة: قد يعود الكثير من النمو في صناعة الملابس المستعملة في جميع أنحاء العالم إلى المستهلكين الأصغر سنا، إذ كشف استطلاع رأي عالمي لشركة ستاتيستا أن الأجيال الأكثر استعدادا لشراء ملابس مستعملة هما جيلا زد والألفية، إذ يرونها وسيلة أرخص وصديقة للبيئة لشراء الملابس. وشارك في الاستطلاع 3500 مستهلك أكبر من 18 عاما وجرى سؤالهم حول موقفهم من المنتجات المستعملة والتي يعاد بيعها.

الوضع الاقتصادي ساهم في ذلك أيضا بسبب ارتفاع أسعار أزياء الموضة السريعة، وفقا لما قالته مصممة الأزياء وصانعة المحتوى بسنت ماكسيموس لإنتربرايز، مضيفة أن الأسعار لم تعد في متناول حتى أفراد الطبقة المتوسطة. الإقبال على شراء الملابس المستعملة أفضل من السابق وأصبح علنيا كذلك. في السابق كان الكثير من الناس يشترون دون القول، لكن لم يعد لدى المستهلكين الشباب مشكلة الآن في إعلان أنهم يشترون ملابس مستعملة، بل على العكس يتفاخرون بذلك، بحسب ماكسيموس.

ثمة حاجة إلى إزالة الوصمة المحيطة بالملابس المستعملة بأنها غير نظيفة أو غير صحية، والتخلي عن فكرة أنه ينبغي أن تكون المنتجات التي نشتريها جديدة، بحسب ماكسيموس، التي تشتري أقمشة لتصميم الأزياء من سوق وكالة البلح وملابس مستعملة أو فساتين تعمل على إعادة تدويرها للأفضل أو ما يعرف بإعادة الاستخدام الإبداعي (Upcycling). مع ذلك، توضح ماكسيموس أن المستهلكين في الطبقات الأقل من المتوسطة لا يزالون يجري التقليل من شأنهم فيما بينهم في حالة شراء ملابس مستعملة.

"العالم به ملابس مستعملة كثيرة جدا فوق طاقتنا جميعا لاستخدامها، وهذه فرصة جيدة لارتداء ملابس بجودة جيدة بسعر منخفض، وبمجرد تغيير هذه الثقافة سننشئ أجيالا تفكر بهذه الطريقة، تضيف ماكسيموس. "مع الوضع الحالي للملابس، 90% من الملابس المستعملة أفضل من الجديدة"، وفق ما قالته ماكسيموس، وتتابع "أقول للناس دائما إنكم لن تستطيعوا ارتداء ملابس جيدة بالوضع الاقتصادي الحالي إلا بشراء المستعمل، لأن جودة الموضة السريعة في الحضيض حاليا".

قيمتها تكون أكبر: يتخصص موقع وتطبيق As Good As New في بيع المنتجات الراقية والفاخرة مرتفعة التكلفة والعلامات التجارية ذات السعر المتوسط التي لا تتضمن أزياء الموضة السريعة. "هذه هي المنتجات التي يهتم الناس بشرائها مستعملة لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفتها وهي جديدة، كما أن قيمتها تكون أكبر"، بحسب الدسوقي. وتتعامل الشركة مع أفراد عاديين يبيعون أشياء اشتروها أو استعملوها من قبل أو شركات ومصممين يريدون التخلص من المنتجات التي لم تباع المواسم السابقة، جزء منها خدمات موجهة للشركات (B2B) وجزء خدمات موجهة للعملاء (B2C). ولدى الشركة إقبال أكبر على الحقائب لأنها تعد استثمارا وأكثر منتج مرتفع التكلفة يتقبل الناس شراؤه، إلى جانب الفساتين، بحسب الدسوقي، التي تضيف "بات لدى الناس فهم أكبر أنه كون المنتج مستعمل لا يعني أن رديء أو تالف".

أزياء مستدامة: تقول هدير شلبي، المؤسس المشارك لشركة جرين فاشون الناشئة المتخصصة في إعادة التدوير وإنتاج ملابس ومنتجات مستدامة وصديقة للبيئة لإنتربرايز إنهم حريصون على تقديم "منتجات فريدة ومميزة وعصرية وعلى الموضة" تخدم البيئة وتساعد على تمكين النساء خاصة في المناطق العشوائية والمهمشة، موضحة أن ردود الأفعال على أولى منتجاتهم كانت إيجابية ولم يصدق الناس أنها مصنوعة من بواقي أقمشة أو مخلفات أزياء. "لدينا حاليا 50 ألف عميل، ومعدل الاحتفاظ بالعملاء يبلغ نحو 50% وهناك من يشتري قطعتين أو ثلاثة خاصة أن أسعارنا تنافسية جدا". تبيع الشركة – التي تأسست عام 2018 – منتجاتها على موقعها عبر الإنترنت، وتحصل على بواقي الأقمشة ومخلفات الأزياء مثل الجينز والمنسوجات القطنية من مصانع الغزل والنسيج في مدينة السادات الصناعية التي تختارهم بعناية، في "عملية خضراء تعتمد على وحدات إنتاج تستخدم الطاقة الشمسية" ضمن ممارسات أخرى حتى يكون المنتج 100% صديقا للبيئة، وفقا لما أضافته شلبي. وبدأت جرين فاشون التوسع في عرض وتصدير منتجاتها لدول مثل تونس والمغرب والكويت وفرنسا.

وتقول سمر سليم، مؤسسة شركة eskai لإنتربرايز إن هناك زيادة في الإقبال على الملابس المستعملة. "تفكير الناس بدأ يختلف خاصة في آخر عام، في البداية كان البائعين أكثر من المشترين، لكن يمكنني القول إن معدلاتهم واحدة الآن،" بحسب ما قالته سليم التي أطلقت مشروعها في 2019. تدير الشركة صالة لعرض الملابس التي تحصل عليها من الراغبين في بيع ملابسهم المستعملة، وتحصل على عمولة بعد بيعها.

الفكرة لا تلقى قبولا لدى البعض.. ومغامرة لدى آخرين: تحدثت إنتربرايز إلى عدد من المستهلكين لاستطلاع رأيهم حول شراء الملابس المستعملة. وقالت آلاء عثمان لإنتربرايز إن لديها مشكلة في ذلك:" لا أعرف من ارتداها قبلي، كما أنها تفقد زهوتها ويبدو جليا أنها قديمة، لكن من ناحية أخرى قللت من معدلات شراء الملابس الجديدة في ظل ارتفاع الأسعار". واتفق آخرون مع آلاء في المخاوف المتعلقة بالنظافة، وقالوا إنهم لجأوا لشراء ملابس جديدة في أضيق الحدود أو لحياكتها حيث تكون أرخص. وعلى الجانب الآخر، لا تمانع خلود محمد شراء ملابس مستعملة نظرا لارتفاع أسعار الجديدة وأيضا لأنها لا تشبه ذوقها. "أحاول كذلك المساهمة في تقليل العمالة التي تعاني من ظروف سيئة في صناعة الأزياء وخفض استهلاكي حفاظا على البيئة". وتضيف خلود: "عندما أشتري ملابس من سوق وكالة البلح أشعر دون مبالغة أنني في مغامرة وبنصر كبير في كل مرة أجد منتجا يشبهني بسعر منطقي أو أقل من المنطقي أحيانا. أصبحت أحب ذلك ولست فقط مضطرة له".

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).