الرجوع للعدد الكامل
الأحد, 7 نوفمبر 2021

سباق السدود يحتدم

سباق السدود يقرع طبول حرب المياه: يحذر خبراء السياسات المائية من أن تنشأ نزاعات بسبب المياه خلال القرن الواحد والعشرين، إذ يؤدي تغير المناخ والنمو الاقتصادي السريع والضغط الناجم عن زيادة عدد السكان حول العالم إلى الضغط على مصادر المياه، وفق بي سي سي. يؤدي تلوث المياه وندرة مياه الري إلى زيادة في الهجرة من المناطق التي تعاني من ندرة المياه، فضلا عن إثارة خلافات بين الدول المجاورة مثل الخلاف المصري مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق مسبق. كشفت دراسة حديثة أن إدارة المواد المائية بصورة أفضل وتنويع مصادر المياه وتقنين استخدامها يمكن أن تساعد في تجنب أزمات المياه في المستقبل، إلى جانب أهمية تماسك المجتمع والاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي.

ما مدى سوء الوضع عالميا؟ تشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن 4 مليارات شخص – نحو ثلثي سكان العالم- يعيشون في ظروف تشح فيها المياه لمدة شهر على الأقل كل عام، فيما يعيش أكثر من ملياري شخص في دول تعاني من عدم كفاية إمدادات المياه. من ناحية أخرى، أشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نصف سكان العالم قد يعيشون في مناطق مهددة بندرة المياه بحلول عام 2025، في حين يمكن أن يواجه ما يصل إلى 700 مليون شخص خطر النزوح بسبب ندرة المياه بنهاية العقد الجاري.

هل يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي؟ نعم، يمكن أن يساعد في حل الأزمة. تستعين منظمات مثل البنك الدولي والأمم المتحدة والصليب الأحمر بالذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالكوارث الإنسانية ومحاولة استباق وقوعها. تستخدم هذه المنظمات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإرسال إنذارات مبكرة بشأن إمكانية حدوث هجرات جماعة أو مجاعات. تجمع أداة للإنذارات المبكرة العالمية أطلقتها مبادرة "شراكة المياه والسلام والأمن" بيانات حول عوامل مثل هطول الأمطار والجفاف والفيضانات والإنتاج الزراعي وتلف المحاصيل والكثافة السكانية والثروة والفساد، وذلك لرسم خريطة من الإنذارات المبكرة حول النزاعات المحتملة، بدقة تقول المبادرة إنها تبلغ 86%.

الاكتشاف الأبرز لهذه الأداة: تساعد عوامل مثل الإدارة الفعالة للموارد وتحسين الوعي والسلوك الاجتماعي المسؤول والترشيد والشفافية الحكومات والمجتمعات على التنبؤ بصورة أفضل بالصراعات التي قد تنشأ بسبب المياه أكثر من الوصول إلى الموارد. وفقا للأداة، تضم مصر مناطق منخفضة في مستوى الضغط على مصادر المياه (بنسبة 10%)، ومناطق تعاني من الإجهاد المائي أو الضغط على مصادر المياه (بنسبة تتراوح من 40% إلى 80%)، لكنها لا تزال تُصنف على أنها منطقة سلمية.

منحت مصر الأمن المائي أولوية قصوى على مدار سنوات، إذ عملت على الحد من آثار سد النهضة على إمداداتها من المياه. تنبع أكثر من 85% من المياه المتدفقة إلى النيل الأزرق من المرتفعات الإثيوبية، وما يزال يلوح في الأفق خطر ألا تطلق أديس أبابا المياه من سد النهضة، الذي يعد أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، خلال موسم الجفاف. وضمن مساعي تنويع مصادر المياه، أعلنت القاهرة عن خطط لاستثمار نحو 45 مليار جنيه في إنشاء محطات لتحلية المياه قبل 2025، كما تعمل أيضا على تنفيذ خطة طموحة لمواجهة نقص المياه قد تبلغ تكلفتها 50 مليار دولار حتى عام 2037.

إثيوبيا ليست الدولة الوحيدة التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب جيرانها من دول المصب. تتجه المزيد من الدول حول العالم لإنشاء سدود على الأنهار وبناء محطات لتوليد الكهرباء وذلك لتأمين إمداداتها من المياه والكهرباء إذ تدفعها ندرة المياه إلى البحث عن مصادر مياه مضمونة. تأثير سد إليسو التركي على نهر دجلة، الذي شرعت أنقرة في ملئه في عام 2019، كان محسوسا تماما على الجانب الآخر من الحدود مع سوريا والعراق وإيران، وأدى إلى تفشي أزمة صحية في العراق في صيف عام 2019. في غرب أفريقيا، ربط بعض الخبراء بين صعود جماعة بوكو حرام والأزمة الإنسانية الناجمة عن جفاف بحيرة تشاد، إذ نزحت العائلات إلى مناطق أخرى بحثا عن المياه وفقد المزارعون والرعاة مصادر رزقهم.

التداعيات الجيوسياسية لارتفاع منسوب البحار والجفاف ستكون هائلة، إذ ينزح الناس بعيدا عن المناطق التي لم تعد صالحة للسكن بسبب نقص المياه العذبة أو الأمطار. تستشعر الهند، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الأنهار التي تنبع من الصين، أزمة محتملة لندرة المياه إذ تعمل بكين على تطوير مشروعات عملاقة من بينها سد في ميدوغ في منطقة التبت، والتي تقول الحكومة الصينية إنه سينتج كهرباء بقدرة تفوق بثلاثة أضعاف طاقة سد الممرات الثلاثة على نهر يانجتسي، أكبر سدود العالم. تسارع الهند إلى إنشاء سد للطاقة الكهرومائية لتخفيف الآثار التي قد يسببها السد الصيني. تتسبب هذه المشروعات في تأثيرات متلاحقة في بنجلاديش، التي تواجه تهديدا مضاعفا بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر ونقص المياه. كما تواجه العاصمة الإندونيسية جاكرتا تهديدا مماثلا بسبب الفيضانات والجفاف، إذ يهدد نضوب المياه الجوفية وارتفاع منسوب المياه بغرقها، ما يجعلها غير صالحة للسكن في غضون 30 عاما.

لكن إدارة الموارد بكفاءة والحوكمة القوية تظلان أساسيتان: تعد استجابة المجتمعات للأزمات عاملا أساسيا لمستقبل أمنها المائي. في عام 2018، كانت كيب تاون على بعد 90 يوما من "يوم الصفر"، اليوم الذي ستغلق بلدية المدينة فيه إمدادات المياه، لكنها نجحت في تجنب الأزمة من خلال سلسلة إجراءات شملت مبادرات لترشيد وتقنين استهلاك المياه والحد من فقدان المياه واستخدام المياه الرمادية، مياه الصرف المنزلية الناتجة عن المنازل أو الشركات. على نحو مماثل، كاليفورنيا التي عاشت مهددة بالجفاف منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وشهدت عامها الأكثر جفافا خلال قرن بسبب تغير المناخ، هي واحدة من أكبر مصدري المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الفستق والجوز (عين الجمل) واللوز. في عام 2009، أطلقت الهيئات المعنية بإدارة والحفاظ على المياه بالولاية مشروع "لنحافظ على مياهنا" وذلك لتغيير عادات استخدام المياه بين سكان كاليفورنيا.

هل ترغب في معرفة المزيد حول كيفية إدارة البشر لموارد المياه؟ يمكنكم الاطلاع على هذا المقال من بي بي سي حول السدود الضخمة التي أعادت تشكيل كوكبنا.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).