كيف سيكون أداء مصر مع تشديد السياسة النقدية الأمريكية؟
مصر من بين الأسواق الناشئة التي تترقب تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية: يبدو أن ديون الأسواق الناشئة – بما في ذلك سندات وأذون الخزانة المصرية – ستصبح أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب، بعد أن ألمح الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي أنه قد يبدأ في إنهاء برنامج شراء الأصول في نوفمبر ورفع أسعار الفائدة في موعد أدناه العام المقبل. ومن شأن تشديد السياسة النقدية الأمريكية أن يجعل الأسواق الناشئة عرضة لانخفاض في التدفقات الأجنبية، إذ يسعى مديرو الأصول الذين يتجنبون المخاطر المرتفعة إلى تحقيق عوائد أكثر أمانا في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الاحتياطيات الأجنبية القوية في مصر، واقتصادها سريع النمو، وأسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة لديها، والتحول إلى الديون طويلة الأجل في السنوات الأخيرة، يعني أنها الأفضل بين الأسواق الناشئة لمواجهة العاصفة. لدى بلومبرج ملخص كامل لنقاط القوة والضغط التي يجب الانتباه لها مع انتقال سوق الدخل الثابت إلى اقتصاد التعافي في ما بعد الجائحة.
أسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة تعني المزيد من التدفقات الواردة – وتعرضا أكبر للتقلبات أيضا: تتمتع مصر بواحد من أعلى أسعار الفائدة الحقيقية في العالم، مما أدى إلى ازدهار حيازات الأجانب للديون المصرية الخطرة عالية الربحية لتصل إلى 33.3 مليار دولار في بداية أغسطس. وساعدت التدفقات الكبيرة الدولة في تمويل التوسعات – لكن الاعتماد على المستثمرين الأجانب يجعلنا عرضة للتقلبات في أسواق الدخل الثابت، في حين أن أسعار الفائدة المرتفعة تعني أن تكلفة خدمة الديون مرتفعة نسبيا أيضا. وقد يؤدي رفع أسعار الفائدة العالمية إلى الضغط على مصر لزيادة عائداتها من أجل تجنب خروج تلك الأموال.
السوق المصرية في وضع يجعلها قادرة على تجنب الموجة البيعية بالأسواق الناشئة: من الناحية التاريخية، لم يكن لتحركات أسعار الفائدة العالمية تأثير كبير على السوق المحلية، وفقا لما قالته شماليا خان، رئيسة محللي ديون الأسواق الناشئة بشركة أليانس بيرنستين لبلومبرج. وتابعت "إذا تعرضت أسواق ناشئة أخرى لضغوط، أتوقع أن تستمر مصر في الأداء الجيد بصورة نسبية". وفيما يتعلق بخدمة الدين، قالت ستاندرد آند بورز إن الحكومة المصرية حققت "تقدما ملحوظا" في تخفيف ذلك العبء. وقال وزير المالية محمد معيط في وقت سابق إن مخصصات خدمة الدين بالموازنة العامة انخفضت إلى 36% في يونيو الماضي من 40% في العام السابق، ومن المستهدف أن تصل إلى 32% بحلول يونيو 2022. وفي الوقت نفسه، فإن التحول نحو الديون طويلة الأجل – تضاعف متوسط أجل الاستحقاق منذ عام 2013 ليصل إلى 3.26 سنة – سيساعد في تجنب البلاد لعمليات البيع المفاجئة.
ارتفاع الاحتياطي النقدي كعامل قوة: صمد صافي احتياطيات النقد الأجنبي في مصر عند مستوى 40.7 مليار دولار، مما خلق "احتياطيا جيدا للتعامل مع أي تدفقات رأسمالية خارجة محتملة"، وفقا لما قاله أحمد حافظ، رئيس قطاع البحوث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في رينيسانس كابيتال، والذي أضاف أن تحسن الاقتصاد الحقيقي – بما في ذلك السياحة – سيساعد أيضا في دعم البلاد في مواجهة التدفقات الخارجة.
النمو الاقتصادي الحقيقي يفوق الزيادة في الديون: استمر الناتج المحلي الإجمالي في الارتفاع خلال جائحة "كوفيد-19"، وإن كان بوتيرة أبطأ، مما يثبت مرونة الاقتصاد المصري، إذ تعرضت الدول المتقدمة والاقتصادات المثيلة في الخليج المعتمد على النفط لضربة أكبر. ونما الاقتصاد بنسبة 3.3% في العام المالي 2021/2020، وتستهدف الحكومة نمو بنسبة 5.5% في العام المالي الجاري، ليعود الاقتصاد بذلك إلى مستويات ما قبل الجائحة. وخفف النمو القوي من تأثير ارتفاع الديون، ففي حين ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نتيجة للجائحة إلى 90.6% في يونيو 2020، مقارنة بـ 87.4% في العام السابق، فمن المتوقع أن تعود إلى مسارها النزولي خلال العام المقبل.