الأربعاء, 8 سبتمبر 2021

السلفادور تصنع تاريخ البتكوين

اعتمدت السلفادور البتكوين كأداة قانونية للدفع أمس، بغض النظر عن المخاوف والشكوك التي تحيط بالأمر. ولجأت الدولة اللاتينية إلى العملة المشفرة في محاولة لجذب المزيد من السكان إلى القطاع المصرفي وسط تدني عدد من يمتلكون حسابات بنكية لديها، وخفض تكلفة إرسال التحويلات إلى الوطن. لكن المشككين يؤكدون أن الموقف المالي الضعيف في البلد سيتضرر إذا انخفضت قيمة البتكوين، ويحذرون من بناء الاقتصاد على العملة الرقمية سريعة التقلب.

ما الذي حدث أمس بالتحديد؟ بعد تحميل المحفظة الرقمية الحكومية “تشيفو” وإدخال أرقام الهوية، يحصل كل مواطن سلفادوري على حافز قيمته 0.00058 بتكوين (ما يساوي 30 دولارا)، وفقا لتصريحات وزير المالية أليخاندرو زيلايا. وخصصت الحكومة نحو 120 مليون دولار لدعم تأسيس ما يصل إلى أربعة ملايين حساب على تشيفو، وهو ما يغطي تقريبا كل المواطنين البالغين في السلفادور البالغ عددهم 4.6 مليون، رغم تشكيك زيلايا في عدد المواطنين المتحمسين.

وافق الكونجرس السلفادوري على اقتراح الرئيس نجيب بوكيلة باعتماد البتكوين قانونيا في يونيو الماضي، ومع دخول القانون (بي دي إف) حيز التنفيذ أمس، ستصبح العملة المشفرة طريقة مقبولة للدفع مقابل السلع والخدمات، جنبا إلى جنب مع الدولار الأمريكي الذي سيستمر في العمل بشكل قانوني. وقال بوكيلة في تغريدة إن البتكوين “سيجلب الشمول المالي والاستثمار والسياحة والابتكار والتنمية الاقتصادية إلى بلدنا”.

الجانب الإيجابي: يمكن أن يوفر استخدام البتكوين إجمالي 400 مليون دولار سنويا من الرسوم التي ينفقها المواطنون لاستقبال التحويلات، وفق تأكيدات بوكيلة، وهو ما يشكل 16% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ولا تتجاوز نسبة من لديهم حسابات بنكية في السلفادور 30%، في حين سجلت الدولة أكثر من 10 ملايين مشترك في الهاتف المحمول، مما يعني أن عددا من السكان البالغ عددهم 6.5 مليون نسمة لديهم أكثر من خط. وفي ظل قلة عدد الحسابات البنكية وتوفر خطوط المحمول، فإن اعتماد مدفوعات البتكوين يمكن أن يسهل المعاملات بالنسبة لجزء كبير من السكان.

يرى المؤيدون أن البتكوين قادرة على مساعدة الدولة أيضا في سد عجز ميزانيتها، عن طريق الاستفادة من تقلب سعر العملة المشفرة وتحويل التدفقات الداخلة عندما يكون السعر مرتفعا لتمويل عجزها، والذي بلغ 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.

لكن صندوق النقد الدولي يعتقد أن الحكومة يجب أن تكون حذرة: قلة التدابير التنظيمية الفعالة تعني أن الاعتماد على العملات الرقمية بشكل جماعي قد يمثل مخاطر متزايدة على البلاد، حسبما قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي بعد إعلان السلفادور عن الخطة. ويؤكد محللون أن وجود سوق غير منظمة للعملات المشفرة قد يسهل عمليات غسيل الأموال والجرائم المالية الأخرى. وهناك احتمال بأن تفشل الخطة أصلا إذا فقد المواطنون الثقة في البتكوين، فأي اندفاع مفاجئ لتحويل البتكوين إلى دولار قد يؤدي إلى ضعف في السيولة الداخلية. وخفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للسلفادور بعد الإعلان، مشيرة إلى أن اعتماد العملة الرقمية قد يزعزع استقرار النظام المالي للبلاد.

وكذلك فعل جي بي مورجان: بفرض حدوث زيادة مفاجئة في عدد المعاملات اليومية على البتكوين، فإن هذا لن يشكل تحديا كبيرا للسلفادور فحسب، بل أيضا للبلوك تشين الخاصة بالعملة نفسها، والتي ربما تواجه صعوبة في دعم الزيادة في المعاملات، طبقا لتقرير البنك. لا بد من الإشارة إلى أن ما يقرب من 90% من البتكوين في العالم محجوزة في حيازات غير سائلة، بينما من المتوقع أن تصل قيمة المدفوعات اليومية في السلفادور إلى 1% من تحويلات البتكوين خلال العام الماضي.

ما علاقة كل هذا بكوب القهوة الصباحية؟ لتقريب الأمور، لا بد من الإشارة إلى أن تكلفة الكابتشينو في السلفادور تبلغ 2.76 دولار في المتوسط​​، أي 0.000053 بتكوين. وتعادل عملة البتكوين الواحدة اليوم 51823.94 دولار، أي نحو 13 ضعف متوسط ​​الدخل السنوي للمواطن السلفادوري عام 2019، والذي بلغ 4 آلاف دولار.

أجهزة الصراف الآلي ستجعل التحويلات أسهل: في محاولة للتحضير لطرح البتكوين، وزعت الحكومة أجهزة الصراف الآلي للبتكوين في أنحاء البلاد، والتي تسمح للمواطنين بتحويل عملاتهم المشفرة إلى الدولار الأمريكي وسحبها. وقالت الحكومة إنها تعمل على تركيب 200 جهاز بدون عمولة لخدمة المواطنين، إلى جنب المحفظة الرقمية للحكومة، و50 فرعا ماليا للسحب النقدي والإيداع.

ليست أول تجربة للبتكوين في السلفادور: هناك ما يسمى بشاطئ البتكوين، وهو لقب مدينة إلزونتي الساحلية في السلفادور التي تستخدم البتكوين منذ عام 2019. هذه البلدة التي لا تعرف البنوك أصلا تعرف أهلها إلى البتكوين عن طريق أحد المغتربين الأمريكان، ومن وقتها تغير الاقتصاد المحلي إلى الأبد. ولم يفوت الرئيس بقيلة الاستشهاد بالمدينة كمصدر إلهام لتجربته على الصعيد الوطني.

هل تحذو دول نامية أخرى حذو السلفادور؟ يمكن للاقتصادات التي تتطلع إلى تقليل الاعتماد على عملتها وفك ارتباطها بالدولار الأمريكي أن تفكر في اتباع خطى السلفادور، رغم أن البتكوين ليست الخيار الأفضل بسبب تقلباتها الكثيرة. لكن كثيرا من الحكومات تفكر في إطلاق عملات رقمية خاصة بها، مثل فنزويلا التي أصدرت في 2018 عملة رقمية خاصة بها ومرتبطة باحتياطاتها النفطية، كمحاولة (فاشلة) للالتفاف على العقوبات الأمريكية. وقدمت جزر البهاما أيضا عملتها الرقمية في محاولة لتحقيق الشمول المالي.

ماذا عن مصر؟ لا تزال الحكومة المصرية بعيدة تماما عن اعتماد العملات المشفرة ضمن النظام المالي، إذ أصدر البنك المركزي المصري تحذيرا في مارس الماضي من العملات المشفرة، بعد أن حظر قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الجديد إصدار وتداول وترويج العملات الرقمية في مصر دون ترخيص خاص. وكانت مصر تفكر في إطلاق عملة مشفرة خاصة بها، رغم أن ذلك سيكون مختلفا عن العملة المشفرة من حيث دعمها وتنظيمها من قبل البنك المركزي.

إذا كنتم تريدون التعمق بشكل أكبر في ماهية العملات الرقمية وكيفية عملها، يمكنكم قراءة هذا الشرح من إنتربرايز باللغة الإنجليزية.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).