الرجوع للعدد الكامل
الإثنين, 28 يونيو 2021

البناء المستدام وتحدياته

يساعد البناء المستدام في تخفيف أسوأ آثار لتغير المناخ وخفض تكاليف الطاقة: تتلخص العمارة المستدامة في استخدام أفضل المواد وأكثر التصميمات كفاءة للسيطرة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وهذا قد يعني ببساطة تغيير التوجه المكاني للمبنى للتعرض لكمية مناسبة من أشعة الشمس أو استخدام مواد يسهل الوصول إليها مثل اللَبِن والطوب الأبيض في أماكن مثل مصر لإنشاء أبنية يمكن التحكم في درجة حرارتها بداخلها بصورة طبيعية. وقد تبدو استراتيجيات البناء المستدام عالية التقنية مثل ناطحات السحاب الملتوية ذات النوافذ الزجاجية والأسطح المغطاة بألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية وأنظمة إعادة تدوير المياه. لكن الهدف النهائي واحد، وهو استخدام مواد بناء أقل ضررا للبيئة وتقليل استهلاك الطاقة.

في مصر، إنشاء المباني مسؤول عن 23% على الأقل من انبعاثات الغازات الدفيئة، ما يجعل المجال واحدا من أهم العوامل الملوثة للبيئة لدينا. ويعد تصنيع الزجاج والطوب الأحمر والطلاء والخرسانة من الأسباب الرئيسية وراء تلويث أعمال البناء للبيئة، إذ تعد مصر واحدة من أكبر 12 دولة منتجة للأسمنت في العالم على مدار العقد الماضي. وعالميا، تواجه صناعة البناء معضلة بيئية كبرى إذ أن أنشطتها تمثل 40% من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم. لدينا المزيد حول الموضوع في إنتربرايز، إذ غطيناه في أربعة أجزاء في نشرتنا "الاقتصاد الأخضر"، من هنا، وهنا، وهنا، وهنا.

وعلى الصعيد العالمي، كان شهادة نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة (ليد) الصادرة عن المجلس الأمريكي للأبنية الخضراء هي المعيار الأكثر استخداما في البناء المستدام، إذ أن نظام "ليد" يقيس استخدام الطاقة والماء وجودة البيئة الداخلية للأبنية واختيار المواد وتأثير الأبنية على البيئة المحيطة. وأظهرت بعض الدراسات أن الأبنية التي اعتمدت نظام "ليد" كانت قادرة على إنتاج انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50% أقل من المباني المشيدة تقليديا من خلال تحسين استهلاك المياه وتقليل الانبعاثات الناتجة عن النفايات الصلبة بنسبة 48%. أما في مصر، لدينا المجلس المصري للعمارة الخضراء الذي أصدر إرشادات "ترشيد" بشأن الأبنية السكنية والتجارية والمجتمعية المستدامة.

ورغم أن شركات المقاولات الكبرى لم تتبن أنظمة البناء المستدام على مستوى واسع، إلا أنه لا يزال هناك بعض المبادرات المحلية الواعدة: شركة السويس للأسمنت ولافارج مصر وسيمكس مصر من بين اللاعبين الكبار الذين يقدمون نسخهم الخاصة من بدائل الأسمنت المخلوط بالكربون بكثافة أقل، لكن التكلفة الإضافية لهذه المواد الأقل تلويثا للبيئة جعلت الاعتماد عليها في البناء أمرا محدودا. ومشروع "باسطوب" الصغير لمواد البناء الذي يبيع الأسمنت المختلط هو مبادرة محلية أخرى تتخذ الخطوات الأولى نحو بناء بكفاءة أعلى وتكلفة أقل. كما تستخدم الشركة الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا الحيوية "ميسيليوم" الفطريات لتحويل قش الأرز أو القمح إلى مواد عازلة. فيما تقدم شركات مثل "365 إيكولوجي" المزيد من الحلول عالية التقنية من خلال توفير أجهزة استشعار ذكية قادرة على تتبع الحركة داخل المباني والتي تحد تلقائيا من استخدام التكييف المركزي والكهرباء.

وفي قمة سلسلة الإمداد هناك مبادرات مثل هاند أوفر التي تركز على البناء المستدام من خلال التصميمات المستوحاة من الطبيعة. ويعتمد عمل المبادرة في المشاريع العامة والسكنية بأماكن مثل الأقصر ودهب والعياط بالجيزة في الغالب على مواد منخفضة التكلفة مثل الرمل والطين والحصى المتوفرة في البيئة المحيطة والحلول منخفضة التكنولوجيا لتدفق الهواء والتحكم في درجة الحرارة. ولا يزال استخدام البيوت المطبوعة ثلاثية الأبعاد وطوب الملح المحسَن قيد التجربة، كما أنه جدير بالاهتمام، وتقوم المحاضرة بالجامعة البريطانية في مصر، دينا المهدي، بتطويرها.

وإذا كنت مهتما بذلك، يمكنك الاطلاع على المنزل الشخصي لتيمور الحديدي في الشيخ زايد، هو مثال حديث على الاستدامة التي تم اختبارها بنجاح. والبيت المكون من 6 مبان من تصميم نضال بدر ومصنوع من أكثر من 3 آلاف زجاجة مياه مستعملة وأسمنت معاد تدويره وإطارات مهملة، ولكنه لا يبدو بأي حال من الأحوال كطراز المنازل في سلسلة أفلام Mad Max. وتم بناء المباني على مدار 6 سنوات عن طريق فريق من 7 أعضاء، ركزوا على توفير جميع مواد البناء من أماكن قريبة لتقليل انبعاثات الوقود الأحفوري أثناء النقل. وفي قرية تونس بالفيوم، صممت مريم القرشي مثالا رائعا آخر على الاستدامة منخفضة التكنولوجيا، تم تشييده في الغالب من الطوب اللبن والحجر الجيري، كما أن سقف المبنى المرتفع وطابق الميزانين والفناء ينظمان درجة حرارته بشكل طبيعي على مدار العام.

وللمزيد عن البناء المستدام في مصر؟ الق نظرة على أعمال حسن فتحي. يمكن القول إن المهندس المعماري حسن فتحي هو الأب الروحي للعمارة المستدامة، حيث أعاد إحياء البناء منخفض التكلفة في الأربعينيات لتلبية احتياجات الإسكان للمجتمعات الريفية في مصر. كان نهج فتحي في الهندسة المعمارية يستخدم المواد الموجودة بشكل طبيعي في البيئة المحيطة، أي الطوب اللبن المجفف بالشمس، لبناء مساكن مستدامة بسعر مناسب، وهو ما أوضحه في عمله الرائد بـ "المعمار للفقراء". وبالاعتماد على تكنولوجيا البناء ما قبل عصر الصناعة من جميع أنحاء البلاد لبناء الأقواس والأقبية والقباب والمشربيات، كان فتحي مصمما على تحسين التهوية بالمنازل والتحكم في درجة الحرارة بأقل تكلفة بيئية. وتشمل بعض أعماله قرية القرنة الجديدة المصممة في الأربعينيات بالقرب من الأقصر، حيث كان من المفترض نقل السكان النوبيين في القرنة القديمة، وقرية نيو باريس في الصحراء الغربية.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).