هل يمكن للذكاء الاصطناعي علاج المشكلات النفسية؟
ازدادت أهمية الوصول السهل إلى مصادر الصحة النفسية مع "كوفيد-19" وهو ما قد يساعد عليه الذكاء الاصطناعي. مع انتشار تطبيقات ومواقع الصحة النفسية، أصبح من المرجح أن يكون الأفراد الباحثون عن دعم لصحتهم النفسية في محادثة مع معالج افتراضي (شات بوت) وليس معالج حقيقي. وتعد تطبيقات الصحة النفسية بديلا مريحا وبأسعار معقولة، وتجعل العلاج متاحا لمجموعة أكبر من المجتمع. ومع تواجدها كبديل رخيص وسهل، هل ستجعل تطبيقات العلاج المعالج البشري عنصرا غير مهم؟ وهل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي لعلاج صحتنا النفسية؟ اتفق الخبراء الذين ناقشتهم صحيفة وول ستريت جورنال على نطاق واسع على أن هناك استخدامات عديدة للذكاء الاصطناعي في علاج الصحة النفسية، ولكن من غير المرجح أن يحل البوت محل البشر قريبا.
ويمكن لأدوات العلاج المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تجعل خدمات الصحة النفسية أسهل للوصول إليها وبأسعار معقولة. وتعد المشاكل المالية سببا للتوترات ومشكلات الصحة النفسية. وتشير الدراسات إلى وجود علاقة مباشرة بين انخفاض دخل الأسرة ومشكلات الصحة النفسية، مما يعني أن الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج نفسي غالبا هم غير قادرين على تحمل تكاليفه. إضافة إلى ذلك هناك مشاغل الحياة الحديثة، فأحيانا يشعر حتى أولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفه أنه ليس لديهم الوقت للذهاب في زيارة للمعالج. ومن المثير للاهتمام أيضا أن الأبحاث أظهرت أن الناس أكثر استعدادا للانفتاح في الحديث مع بوت مقارنة بالإنسان الحقيقي، ربما لعدم وجود قلق من إصدار أحكام بشأنهم.
ولكن قد يكون تعيين بوت لرعاية شخص معرض للخطر هو أمر غير مسؤول، فمن الخطر أن يقوم البوت المدار بالذكاء الاصطناعي بتقديم معلومات غير مناسبة قد تنتهي بتوجيه نصائح سيئة لأشخاص في حالة ذهنية خطرة. وتوصي كل من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا والجمعية الأمريكية للطب النفسي باستخدام التطبيقات "كعامل مساعد" فقط يجب أن يشرف عليه الإنسان.، وليس كعلاج رئيسي. لكن قد يتغير ذلك قريبا، بحسب آدم مينر من كلية الطب بجامعة ستانفورد، مضيفا أنه "إذا ثبت أن روبوت المحادثة آمنة وفعالة، فيمكننا أن نرى واقعا يحصل فيه المرضى على العلاج من خلاله، وتركهم ليقرروا ما إذا كانوا يريدون مشاركة شخص آخر ومتى يريدون ذلك".
وهناك أيضا مخاوف تتعلق بالخصوصية، فقد أظهرت الأبحاث أن بعض تطبيقات الهواتف الذكية المستخدمة لعلاج الاكتئاب والإقلاع عن التدخين شاركت البيانات مع أطراف تجارية ثالثة دون الإفصاح بدقة بشكل مسبق. ويمثل ذلك خطرا رئيسيا على فكرة تطبيقات الخدمات الصحية برمتها، بحسب جون توروس، مدير قسم الطب النفسي الرقمي في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن معظم البلدان قد وضعت قوانين قوية تحمي سرية المريض في بيئة علاجية تقليدية، إلا أنه لم يتم بعد تحديد كيفية توسيع ذلك ليشمل التطبيقات والمواقع الإلكترونية.
كما يمكن استخدام تطبيقات الاستشعار السلبي بالهواتف الذكية لجمع البيانات التي يمكن أن تساعد الأطباء في التنبؤ بإصابة بعض الأشخاص بمشكلات الصحة النفسية بشكل مسبق، ولتحديد وتنبيه المسؤولين إلى المرضى في حالة اللحظات الحرجة التي قد تتطلب التدخل. ويقول توروس إنه "من المرجح أن يساعدنا استخدام البيانات الجديدة جنبا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي في إطلاق العنان لإمكانية إنشاء علاجات وقائية وشخصية جديدة".
وبدلا من استبدال المعالجين، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في "توجيه" عملية العلاج من خلال توفير أدوات للتفكير الذاتي بين الجلسات أو مراقبة وتتبع الأنماط في تغيرات مزاج المستخدمين مما قد يؤدي بدوره إلى تشخيصات أكثر دقة. وتحظى التطبيقات التي تستخدم العلاج السلوكي المعرفي لإرشاد المستخدمين للخروج من أنماط التفكير السلبية، من خلال محادثة مع شات بوت غالبا، بشهرة كبيرة.
ويمكن أن تؤدي سهولة الوصول إلى تطبيقات الصحة النفسية إلى ارتفاع الطلب على العلاج النفسي الحقيقي، من حيث تشجيعها للأشخاص المترددين في طلب العلاج النفسي المنتظم، بفضل ما توفره من سهولة وإخفاء للهوية. كما قد تعزز مصادر العلاج النفسي المدعومة بالذكاء الاصطناعي الطلب على المعالجين البشريين، بدلا من تخفيضه، من حيث جعل الممارسة أكثر طبيعية وعن طريق سعي التطبيقات إلى تعزيز خدماتها من خلال إضافة المعالجين والأطباء النفسيين إليها.