الأولوية دائما للصحة
حققت أولوياتنا للصحة والتغذية والرفاهية بشكل عام تقدما قويا خلال العام الماضي. وأدى "كوفيد-19" لزيادة الوعي بشأن الوقاية الصحية كما دفع نقص السلع بالأسواق وحظر التجول الكثيرين لقضاء وقت أطول في المنزل لإعداد الوجبات الصحية وبمكونات محلية، كما بدأ البعض في ممارسة الرياضة بانتظام.
وساعد ذلك في صعود الاعتبارات الصحية إلى رأس أولويات الكثير من الناس. وقال 54% من الأمريكيين ممن استطلع مجلس معلومات الغذاء الدولي آراءهم إنهم صاروا أكثر اهتماما في 2020 بمدى صحة طعامهم وشرابهم مقارنة بـ 2010، فيما أصبحت صحة الغذاء أهم من طعمه وسعره، بحسب فوربس. وحول العالم، بدأ الناس في تخفيض استهلاكهم من الطعام السريع وزيادة تناول الطعام المعد منزليا، خاصة الحبوب والبقوليات.
في المستقبل، سنرى أيضا اهتماما بالطعام الغني بالفيتامينات والمعتمد على الخضروات، إضافة لظهور المزيد من تطبيقات الصحة. وتقول فوربس إن هناك إقبالا على الطعام الغني بالبروتين المشتق من الخضروات والطعام المحفز للمناعة الغني بفيتامين سي. وكذلك يتم استحداث منتجات للوفاء باحتياجاتنا أثناء الجائحة، مثل مشروب طورته شركة بيبسيكو لتهدئة المستهلكين قبل النوم. وكذلك يزداد استخدام تطبيقات الصحة والتغذية، مع ظهور المزيد من الابتكارات التكنولوجية لمساعدة المستهلكين على التحقق من المنتج والمكونات ووضع خطط غذائية مخصصة لاحتياجاتهم الصحية.
هل يمكننا المحافظة على العادات الصحية؟ في ظل الاضطرابات الناتجة عن الجائحة، بدأ الكثيرون في تبني عادات أفضل للتغذية وممارسة الرياضة والنوم لمدة أطول والتواصل بصدق مع الأصدقاء، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. والسؤال الأهم الآن هو كيفية المحافظة على تلك العادات على المدى الطويل. وتقدم الصحيفة نصيحة بالحفاظ على تحفيزهم والتخطيط للعقبات المحتملة والتسهيل من إدخال العادات الجديدة على نظام القديم من خلال الوعي بأسباب تبنيها في المقام الأول.
يجب أن يكون التغيير شاملا وطويل الأجل، بحسب الخبراء، فالجائحة أوضحت لنا أن نمط حياتنا يسبب الضغوطات والقلق والشعور بالاستنزاف، كما يضعف من جهازنا المناعي، بحسب معهد العافية العالمي. ويزيد ذلك من خطر الأمراض المزمنة ويجعلنا أكثر عرضة للإصابة بـ "كوفيد-19". ويمكننا تغيير ذلك من خلال إعطاء الأولوية لتحول شامل لمواجهة المشكلات، بحسب المعهد. ويعني ذلك إدراك أن اختيارات المستهلكين تتشكل في ظل نظام مصمم لتحقيق أعلى مكاسب وكفاءة، مثل تطبيقات التوصيل للمنازل التي تبقينا دون حركة، وكذلك وسائل المواصلات الحديثة التي تزيد من التلوث أيضا، والابتكارات التكنولوجية التي ترفع من شعورنا بالوحدة مع الابتعاد عن التفاعلات المباشرة. وبالطبع فإن الفئات الأكثر فقرا والمهمشة هي الأكثر تضررا.
لا يجب أن يطغى هذا على قوائم الأعمال الخاصة بنا والممتلئة بالفعل، أو يكون سببا للقسوة في محاسبة النفس. من المهم أن يكون التغيير على المستوى الشخصي والمجتمعي والشركات والحكومات في نفس الوقت، بحسب المعهد. والأهم من ذلك هو ربط النجاح بالسلامة الجسدية والنفسية وليس فقط بمعايير الاقتصاد. فعندما يتعلق الأمر بالتغييرات الإيجابية على المدى البعيد، لا يجب أن يضغط الإنسان على نفسه، وأن يتقبل حدوث انتكاسات، وأن يتذكر أنه من الأفضل حدوث التغيير الإيجابي بعيوبه على عدم حدوث تغيير على الإطلاق.