فيتش: القطاع المصرفي المصري قد يواجه مشاكل حال استمرار تقلبات تدفقات العملة الأجنبية
ربما يظل القطاع المصرفي المصري عرضة لمخاطر متوسطة الأجل، كما من المتوقع استمرار ارتفاع المخاطر المتعلقة بالبيئة التشغيلية للبنوك، حسبما ذكرت وكالة فيتش في أحدث تقاريرها عن التصنيف الائتماني لبنك مصر. ورغم ذلك، لا تزال وكالة التصنيف تتبنى وجهة نظر تقلل من المخاطر قصيرة الأجل، خاصة في ما يتعلق بالتمويل بالعملات الأجنبية والسيولة مع انحسار آثار الجائحة. ومع وضع هذا بالاعتبار، ثبتت الوكالة التصنيف الائتماني طويل الأجل لبنك مصر عند "+B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو التصنيف ذاته الذي سبق ومنحته فيتش للديون السيادية لمصر.
البنوك المصرية تتمتع الآن بمراكز سيولة مستقرة بعد أن تجاوزت صدمة نزوح رؤوس الأموال إلى الخارج في الفترة ما بين مارس وأبريل، حين سحب المستثمرون الأجانب مليارات الدولارات خوفا من التقلبات الناجمة عن الوباء. لكن هذه التدفقات سرعان ما عادت في مايو، لتقفز استثمارات المحافظ الأجنبية في منتصف أكتوبر بأكثر من الضعف لتسجل 21.1 مليار دولار. ولا يزال هذا الرقم آخذا في الارتفاع خلال نوفمبر، إذ وصلت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية إلى 23 مليار دولار بنهاية الشهر، وهو ما أشار إليه وزير المالية محمد معيط الأسبوع الماضي.
لكن حتى مع نجاح البنوك المصرية في تجاوز تلك العاصفة القصيرة، لا تزال توقعات ما بعد "كوفيد-19" غير واضحة. وتقول الوكالة إن بنك مصر الذي يستحوذ -وفق تقديراتها- على 17% من إجمالي الأصول المصرفية في البلاد و19% من إجمالي الودائع، يعكس مشكلات أكبر داخل القطاع المصرفي المصري.
تلك المشكلات تشمل "ضعف توليد رأس المال الداخلي"، إذ تقل نسب الإقراض إلى الودائع عن المعايير العالمية، ويرتبط أداء البنوك ارتباطا وثيقا بمدى نجاح الحكومة في الحفاظ على تدفقات العملات الأجنبية. وقد تعرضت مصادر البلاد الرئيسية للعملات الأجنبية لضغوط بسبب الجائحة التي حرمت مصر من مليارات الدولارات من إيرادات السياحة، كما قلصت عوائد قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج. يلعب بنك مصر وبنوك أخرى مملوكة بالكامل للدولة دورا في دعم الجنيه حينما تقع مصادر العملات الأجنبية تحت الضغط، وهو ما يجعل احتياطيات السيولة لدى بنك مصر مرتبطة بالحالة الأوسع لسيولة العملات الأجنبية في القطاع المصرفي ككل.
وبالتالي فإن التحسن المستدام في القطاع المصرفي يتطلب استقرار سوق الصرف، لكن فيتش تتوقع أن يستمر عجز الحساب الجاري الآخذ في الاتساع في الضغط على احتياطيات العملات الأجنبية، حتى لو انتعشت التدفقات. وتتوقع الوكالة أن يرتفع عجز الحساب الجاري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري، مقارنة بـ 3.1% في 2019.
لا تزال البنوك تتمتع برؤوس أموال كافية في الوقت الحالي، ولديها سيولة وفيرة في متناول اليد تمكنها من مواجهة ارتفاع حالات التخلف عن السداد. وتمكنت البنوك التجارية من الحفاظ على هذا الموقف على الرغم من تكثيف مخصصات خسائر القروض هذا العام، لكن من المرجح أن تتعرض الأرباح للضغوط في ضوء التوقعات بزيادة القروض المتعثرة، وفق ما ذكرته جريدة فايننشال تايمز الأسبوع الماضي.