الاقتصادات الناشئة تتوسع في سياسات التيسير الكمي
العديد من الاقتصادات الناشئة باتت تتوسع في سياسات التيسير الكمي، والتي كانت مقصورة على الاقتصادات المتقدمة، حسبما تقول صحيفة فايننشال تايمز. ويعد ذلك تحولا من سياسات الاقتصادات الناشئة السابقة للتعامل مع الأزمات والتي تجنبت دوما التيسير الكمي. وتقول الصحيفة إن التجربة، التي تقوم على شراء البنوك المركزية لسندات وأصول حكومية لتوفير السيولة النقدية أثناء الأزمات، ربما تؤدي إلى "نتائج عكسية محتملة في حالة إسراف بعض الدول في الاعتماد عليها".
ما هي الدول التي بدأت في تنفيذ التيسير الكمي؟ أعادت كوريا الجنوبية وإسرائيل إطلاق برنامج شراء السندات في مواجهة أزمة "كوفيد-19". وكانت الدولتان اتبعتا السياسة للمرة الأولى إبان الأزمة المالية العالمية في 2008. وقامت كل من بولندا والمجر وماليزيا والفلبين وإندونيسيا وتركيا وجنوب أفريقيا بإطلاق برامج مشابهة أيضا للتيسير الكمي، ولكنها بدرجة أقل مما هو متبع في الاقتصادات الأوروبية والولايات المتحدة.
ويحذر الخبراء الدول التي لديها مشكلات مالية، مثل عجز كبير في الموازنة وعدم استقلالية بنوكها المركزية وارتفاع التضخم، من الإسراف في استخدام سياسة التيسير الكمي. وأثار البعض مخاوف حول ما إذا كانت البنوك المركزية لديها الإرادة السياسية لوقف برامج التيسير الكمي عندما تتحسن الظروف. يقول دروسيو جياكوميلا رئيس بحوث الأسواق الناشئة لدى دويتشه بنك "الحكم يكون يوم تعود الأوضاع إلى طبيعتها … هل ستكون البنوك المركزية حينها عازمة على تشديد السياسة النقدية أو وقف شراء الأصول؟". والبعض الآخر شكك في الأضرار المحتملة لتلك السياسات، مؤكدين على حقيقة أن برامج التيسير الكمي مشابهة تماما لما تفعله الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، ولكن بمبالغ مالية أقل كثيرا. وتقول رئيسة قسم ديون الأسواق الناشئة في شركة أليانس بيرنشتاين، شاماليا خان، لا يوجد داعي للقلق في الوقت الحالي بسبب محدودية الاعتماد على تلك السياسة.
وتثير الحزم المالية غير المسبوقة التي أطلقتها البنوك المركزية حول العالم مخاوف من "وفرة طائشة": لا تزال محافظ المستثمرين الأجانب عرضة للنزوح بكميات هائلة خارج الأسواق الناشئة، كما رأينا في الانخفاض الكبير للتدفقات المالية خلال شهر مارس. وبالنظر إلى أن التدفقات الأخيرة إلى الأسواق الناشئة كانت مدفوعة بحزم تحفيز مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فإن بعض المستثمرين يترددون في مسايرة هذا الاتجاه. ويقول آرثر بوداجيان كبير المحللين الاستراتيجيين لدى بي سي أيه للبحوث "هذا الاتجاه في طريقه للنهاية وسيكون من الخطر جدا ملاحقته … الهوس لا يكون مدعوما بأسس سليمة، وأصحاب التوقعات العقلانية لا يمكنهم التنبؤ بما سيسفر عنه".