الرجوع للعدد الكامل
الخميس, 26 مارس 2020

الوفاء بالتعاقدات في زمن كورونا: ماذا تعني "القوة القاهرة" بالنسبة للشركات؟

الوفاء بالتعاقدات في زمن كورونا: ماذا تعني "القوة القاهرة" بالنسبة للشركات؟ التطورات السريعة لأزمة "كوفيد-19" خلال الأسابيع القليلة الماضية، دفعت الحكومة لمواصلة اتخاذ المزيد من الإجراءات لتخفيف تأثيرات الأزمة على الصحة العامة للمواطنين وعلى الاقتصاد المصري، إلى جانب الالتزامات المفروضة على الشركات لحماية الموظفين والعملاء. إغلاق الكثير من الأنشطة الاقتصادية وفرض حظر التجول، من 7 مساء وحتى 6 صباحا كل يوم، يزيد من احتمالات عدم وفاء الشركات بالتزاماتها التعاقدية في الأسابيع والشهور المقبلة.

بنود "القوة القاهرة" عادة ما يشملها أي تعاقد. وتتيح لطرفي التعاقد وقف الاتفاقات التعاقدية في حالة الظروف الخارجة عن الإرادة. وكي يحدث ذلك، يجب أن يجعل هذا الحدث الوفاء بالاتفاق أو جزء منه مستحيلا. وكلما طالت الظروف الخارجة عن الإرادة، كلما تعطلت الالتزامات المفروضة على طرف التعاقد دون توقيع عقوبات عليه. أما إذا كان العقد لا يشمل حالات "القوة القاهرة"، يمكن لطرف التعاقد اللجوء إلى القضاء لإثبات أن القوة القاهرة منعته من الوفاء بالتزاماته التعاقدية.

حسنا، جائحة كورونا تعتبر "قوة قاهرة"، أليس كذلك؟ ليس بالضرورة. تعطيل التعاقد بحكم القوة القاهرة هو أمر يحدد وفقا لكل حالة، حسبما قال عدد من المستشارين القانونيين الذين تحدثت معهم إنتربرايز. بعض بنود القوة القاهرة في التعاقدات تشير مباشرة إلى الجوائح والأوبئة، ولكن بعض العقود تتحدث بشكل عام عن الأحداث المؤثرة، أو الكوارث الطبيعية. وهناك أيضا سؤال حول تأثير القرارات التنظيمية. الكثير من الشركات تعتمد على المواد الخام من مناطق أصبحت في الوقت الراهن عالية الخطورة، مثل معظم دول أوروبا، والتي أغلقت الكثير من مصانعها حاليا. وتلك الشركات يمكنها بسهولة الدفع بوجود قوة قاهرة في مناطق أخرى من العالم تؤثر عليها، بما يسمح لها بإعادة التفاوض حول شروط التعاقدات المبرمة أو أن تعطل تنفيذ بعض بنوده.

يمكنكم الاطلاع هنا على أمثلة لبنود القوة القاهرة المنصوص عليها في تعاقدات أجنبية.

تلك البنود، والتي يشار إليها أحيانا بـ "press-pause" أو "اضغط زر الإيقاف" منصوص عليها في أغلب التعاقدات عالية القيمة في مصر كإجراء احترازي، حسبما يقول كريم يوسف المدير الشريك في مكتب يوسف وشركاه للمحاماة. ومع ذلك، فإن الأمر يخضع لتقدير أطراف التعاقد في تحديد تعريف القوة القاهرة. بعض الأطراف يمكن أن تتفق عليه كظرف خارج عن الإرادة، من الاضطرابات البسيطة وحتى الصدمات الاقتصادية العنيفة.

ومن بين الشركات التي قد تلجأ إلى الدفع بوجود "قوة قاهرة"، الصناعات الثقيلة، والإنشاءات (في حالة الاضطرار إلى إغلاق مواقع الإنشاء)، والفنادق، والنقل، وخدمات المطارات والموانئ، والأحداث الرياضية، والتصدير والاستيراد، وغيرها من الصناعات التي تعتمد بشدة على سلاسل التوريد، حسبما يقول يوسف في تصريحاته لإنتربرايز.

تبعات حظر التجول: قرار فرض حظر التجول من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا، والذي بدأ تطبيقه أمس، قد يخلق موقف يستلزم "إعادة التفاوض"، وهو موقف نشأ عن الوباء ولكنه ليس نتيجة مباشرة له، حسبما يقول محمد صلاح عبد الوهاب الشريك المؤسس في شركة ذو الفقار وشركاها للمحاماة. وقال مكتب التميمي ومشاركوه في مذكرة بحثية أصدرها أمس إن حظر التجول جاء نتيجة حدث نادر، عالمي، وغير مسبوق، ويقع في إطار مبدأ "الظرف العام الاستثنائي". هذا المبدأ يستند إلى نظرية "الظروف الطارئة" في القانون الفرنسي، والذي يتطابق تقريبا مع "شرط إعادة التفاوض" في القوانين العامة. ويقول عبد الوهاب إن الموقف الذي يستلزم "شرط إعادة التفاوض"، لا يستبعد إمكانية التذرع بحالة "القوة القاهرة"، إذ استطاع الطرف المتعاقد إثبات أن الوفاء بالتعاقد بات مستحيلا.

مبدأ "الاستحالة" هو الفارق الأساسي بين "شرط إعادة التفاوض" وبين "القوة القاهرة": تخيل أن أحد المصنعين كان قادرا على تشغيل مصنع بثلاث ورديات يوميا، وحاليا يمكنه فقط تشغيل وردية واحدة، حسبما يقول علي الشلقاني الشريك الأول بمكتب الشلقاني للمحاماة. بالفعل سيكون المصنع في ظروف صعبة، ولكن ذلك قد لا يعني استحالة تسليم إنتاجه إلى العملاء. في تلك الحالة، وفي حالات أخرى كثيرة لا تكون حجة "القوة القاهرة" قابلة للتنفيذ من خلال القضاء أو عبر النص عليها صراحة في العقد، وفي تلك الحالات يمكن للقضاء أن يقلل الالتزامات التعاقدية بما يتناسب مع الموقف، إذا استطاع طرف التعاقد إثبات المشقة التي تمنعه من الوفاء بكامل تعاقده، ما يتيح له اللجوء إلى إعادة التفاوض.

هل لديك مشاكل؟ آخر شيء تريده كرئيس لشركة هو الاتصال بمحاميك. تواصل مع طرف التقاعد الآخر، والذي في أغلب يمر بنفس الظروف الطارئة، وربما تتوصلان إلى تفاهم. ويقول الشلقاني "أطراف التعاقد عليها إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة فيما بينها، إذ أن آخر خيار يجب أن تفكر فيه هو النزاع القانوني"، مضيفا أن الجميع عليه بذل كل ما بوسعه للتصرف بحكمة في الظروف الحالية، خاصة إذا كان هناك بين أطراف التعاقد شراكة طويلة أو سابقة عمل متكررة.

التواصل هو أهم شيء في الوقت الحالي. في حوارنا مع الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم كونستراكشون أسامة بشاي في عدد هذا الأسبوع من "هاردهات"، قال بشاي إن شركته تولي اهتماما كبيرا بالتواصل مع عملائها والأطراف المرتبطة بها ليس فقط لإطلاعهم على تطورات الأوضاع، ولكن أيضا للتواصل معهم في حال تضررهم الشديد من أزمة "كوفيد-19".

ومع ذلك، من الجيد أن تراجع تعاقداتك لتتعرف على موقفك الحالي: ممارسات الأعمال الجيدة تعني "التحقق من الواقع" وتقييم الموقف، ومراجعة البنود الرئيسية في الاتفاقيات السارية، بما في ذلك، بنود إنهاء التعاقد، والقوة القاهرة، وشرط إعادة التفاوض، وتثبيت العقد، والتأخير، وحل النزاعات. اطلب من محاميك إطلاعك على تلك الأمور، حسبما يقترح يوسف.

القوة القاهرة ليس مرتبطة فقط بالتعاقدات بين الشركات، يمكن أن تطبق أيضا على العمالة: تقول غادة الأهواني الشريكة لدى مكتب بيكر ماكينزي القاهرة (حلمي وحمزة وشركاه) إن "هناك شركات تواصلت معنا مؤخرا للسؤال حول عقود التوظيف". القوة القاهرة وحالات إعادة التفاوض تسري في هذه الحالة لعدة أسباب. إذا تفاقم الوضع أكثر مما هو عليه بالفعل، فقد يضطر أصحاب العمل لإنهاء العقود، وفتح مجال لدفع مكافآت نهاية الخدمة.

لا تزال هناك حالة واسعة من الغموض، وأصحاب العمل يريدون معرفة إذا كان هناك ما يمكن أن يجنبهم أحكام قانون العمل في هذا الصدد، في الوقت الذي تتأثر التدفقات النقدية لديهم بالفعل، بما في ذلك الشروط التي تفرض عليهم دفع 50% من أجور الموظفين في حال تم تعليق العمل مؤقتا. وتضيف الأهواني "لم يتخذ أحد إجراء، ولكنهم يتوقعون أن تتأثر أعمالهم، وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى القيام ببعض الإجراءات لخفض التكاليف".

والأمر لا يقتصر على مصر: في الصين، حيث نشأ وباء "كوفيد-19"، أصدرت الحكومة مباشرة شهادات لإثبات القوة القاهرة، لتعفي العديد من الشركات من التزاماتها في حالة خرق التعاقد. ومنذ بداية الشهر الحالي، أصدرت الصين نحو 4800 شهادة للشركات، تغطي عقودا بقيمة 53 مليار دولار. وتقول صحيفة فايننشال تايمز إن تلك كانت محاولة من بكين لإبراء المصدرين المحليين من التزاماتهم. وفي أوروبا، دعا اتحاد صناعة البناء إلى الإعلان صراحة أن جائحة "كوفيد-19" تعد قوة قاهرة.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).