الرجوع للعدد الكامل
الأربعاء, 12 فبراير 2020

نظرة فاحصة على خطة الحكومة لتطوير منظومة السكك الحديدية

نظرة فاحصة على خطة الحكومة لتطوير منظومة السكك الحديدية: يعتبر قطاع النقل من بين القطاعات الأكثر احتياجا بعد قطاعي المياه والطاقة إلى تطوير البنية التحتية الخاصة به من قبل الحكومة. وفي قطاع النقل، نجد أنه ليس ثمة منظومة أكثر احتياجا للتطوير من السكك الحديدية. وخصصت الحكومة مبلغ 141 مليار جنيه للإنفاق على أعمال تطوير السكك الحديدية حتى عام 2022. ونقلت جريدة اليوم السابع عن مصادر مسئولة بهيئة السكك الحديدية أنه من المخطط رصد 55 مليار جنيه لتنفيذ مشروعات جديدة لتطوير المرفق خلال الفترة من 1 يوليو المقبل وحتى 1 يوليو 2022.

تتكون الخطة، والتي من المتوقع أن تخدم مليوني مسافر يوميا بحلول عام 2022، من ثلاثة مسارات: تطوير البنية التحتية الحالية للسكك الحديدية في مصر، وإنشاء خطوط جديدة، وشراء قاطرات وعربات جديدة. وعلى الرغم من أن الخطة قد بدأت بالفعل، إذ جرى توقيع عدد من الاتفاقات والانتهاء من التخطيط بالنسبة للمسارات الثلاث، إلا أن الحجم الهائل للخطة – سواء من حيث حجم المشروعات أو التمويل – قد يهدد بعرقلتها.

المسار الأول – إنشاء خطوط سكك حديدية جديدة: تتضمن الخطة إنشاء القطار المكهرب والمونوريل من جهة وإنشاء خطوط سكة حديدية تربط بين أجزاء مختلفة من البلاد. وتخطط الحكومة أيضا لإنشاء مشروع القطار المكهرب السريع الذي يربط العين السخنة بمدينة العلمين الجديدة، مارا بمدينة السادس من أكتوبر، والذي تتراوح تكلفته بين 7 و8 مليارات دولار. ووقعت وزارة النقل عقدا العام الماضي مع تحالف مكون من بومباردييه وأوراسكوم كونستراكشون والمقاولون العرب لتنفيذ مشروعي إنشاء مونوريل أحدهما يربط مدينة نصر بالعاصمة الإدارية الجديدة والآخر يربط الجيزة بمدينة السادس من أكتوبر. ويشمل العقد الذي تبلغ مدته 30 عاما تنفيذ وتشغيل وصيانة خطوط المونوريل، بالإضافة إلى الإمداد بقطع الغيار وإجراء العمرات الجسيمة. وتبلغ قيمة العقد ما يزيد عن 4.5 مليار دولار.

وهناك العديد من الفوائد الجانبية لمشروعات البنية التحتية. بومباردييه على سبيل المثال، تقدمت بعرض لمجلس الوزراء هذا الشهر لإنشاء مصنع لمكونات خط المونوريل في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

من المشاريع الأخرى الجديرة بالذكر مشروع إنشاء ثلاثة خطوط سكك حديدية بتكلفة إجمالية قدرها 14 مليار دولار، وهي خط القاهرة – الأقصر بطول 700 كم، وخط الأقصر – الغردقة بطول 300 كم، وخط الإسكندرية – القاهرة بطول 210 كم. ومن المقرر الانتهاء من هذه المشاريع بحلول عام 2022. وتخطط الحكومة أيضا لإنشاء خطين جديدين وهما خط أسوان – مرسى مطروح وخط سفاجا – أبو طرطور.

المسار الثاني – ترقية البنية التحتية: ويشمل ذلك التجديد الشامل للمحطات وأنظمة الإشارات والسكة الحديد والتحويلات وإقامة مزلقانات إلكترونية. وطرحت وزارة النقل مناقصة العام الماضي لتطوير خط السكة الحديدية بنها – بورسعيد بتكلفة تصل إلى 5 مليارات جنيه، وقال مصدر بوزارة النقل إن شركة أوراسكوم كونستراكشون اقتربت من الفوز بالمشروع الذي يتنافس على تنفيذه 11 كيانا محليا وعالميا. وتخطط الحكومة أيضا لتطوير البنية التحتية لخط سكة حديد طنطا – المنصورة – دمياط. وكذلك تخطط للانتهاء من أعمال تطوير خط ترام الرمل بالإسكندرية بتكلفة 352.5 مليون دولار بحلول عام 2022. وكنا ذكرنا في سبتمبر الماضي أن رئيس الهيئة العربية للتصنيع عبد المنعم التراس بحث مع نائب الرئيس التنفيذي لشركة تاليس العالمية سبل التعاون في مجال تطوير وتحديث أنظمة إشارات خطوط السكك الحديدية ومترو الأنفاق.

المسار الثالث – شراء قاطرات وعربات سكك حديدية جديدة. تعتزم الهيئة العربية للتصنيع الانتهاء من أعمال التطوير بمصنع مهمات السكك الحديدية (سيماف) في أكتوبر المقبل، وفقا لما ذكرناه الشهر الماضي. وسيصبح المصنع، عقب الانتهاء من أعمال التطوير الجارية به، المورد الوحيد لعربات السكك الحديدية الجديدة، سواء للخطوط الجديدة أو القائمة. وإلى أن يتم تشغيل مصنع سيماف، فإن الحكومة ستواصل استراتيجيتها المتمثلة في الاستيراد. ووقعت هيئة السكك الحديدية عقدا بقيمة 22 مليار جنيه في سبتمبر الماضي مع التحالف الروسي المجري الممثل في شركة ترانسماش هولدنج لتوريد وتصنيع 1300 عربة قطار. ووقعت الهيئة أيضا اتفاقا في عام 2017 مع جنرال إليكتريك بقيمة 575 مليون دولار لتوريد 100 قاطرة متعددة الاستخدام للركاب والبضائع، وإجراء صيانة طويلة الأجل لمدة 15 عاما لتوفير قطع الغيار والدعم الفني للقاطرات الجديدة، و81 قطارا قديما.

الاستعانة بالقطاع الخاص: أحد المكونات الرئيسية للخطة هو الاستعانة بالقطاع الخاص والتوجه إليه من خلال اتفاقيات الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويمكن للحكومة في الوقت الحالي التشارك مع القطاع الخاص، إذ تسمح التعديلات التي أدخلت على القانون الخاص بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر وأقرها البرلمان في مارس 2018 للهيئة بالتعاقد مع شركات القطاع الخاص لإنشاء وإدارة وتشغيل صيانة مرافق السكك الحديدية.

أما ما لن تموله خزائن الدولة مباشرة، فسيجري تمويله من خلال القروض والمنح من مؤسسات التمويل التنموية وغيرها من المقرضين الأجانب. ووفر البنك الدولي سابقا تمويلا قيمته 2.5 مليار جنيه لتطوير خطوط السكة الحديدية في مصر. وفي يناير 2019، وقعت الحكومة اتفاقا مع بنك إكزيم الصيني للحصول على قرض بقيمة 1.2 مليار دولار لتمويل مشروع القطار الكهربائي الجديد. وتجري الحكومة محادثات مع الوكالة الفرنسية للتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي لتطوير خط سكة حديد طنطا – المنصورة – دمياط، مقابل 190 مليون يورو و90 مليون يورو على الترتيب.

ستغطي وكالات ائتمان الصادرات الأجنبية ما يصل إلى 85% من مشتريات العربات والقاطرات التي ذكرناها، بما في ذلك بنك الاستيراد والتصدير المجري وبنك الاستيراد والتصدير الروسي المتخصص وبنك الصادرات الكندي.

لكن هل الخطة المصرية طموحة أكثر من اللازم؟ ربما يتسبب حجم الإصلاحات وتكاليفها في تأخير بعض المشاريع، خصوصا أن الحكومة لا تزال في مرحلة المحادثات بشأن تمويل المشروعات التي سبق وأعلنت عنها منذ فترة. ويعد أبرز هذه المشروعات مونوريل العاصمة الإدارية، الذي لا يزال تحالف مصرفي يضم بنك التنمية الأفريقي والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير وبنك الاستثمار الأوروبي يجري مفاوضات مع الحكومة لتوفير التمويل اللازم له. وفي تقريرها (متاح بمقابل مادي) عن البنية التحتية في مصر للربع الثاني من عام 2009، تثير "بي إم آي ريسيرش" التابعة لشركة فيتش سوليوشنز لتحليلات الأسواق، الشك حول قدرة الشركات الصينية التي من المرجح اختيارها لتنفيذ المشروع، على سداد نحو 1.2 مليار دولار اقترضها بنك إكزيم من أجل مشروع القطار المكهرب "العلمين – السخنة".

وقد يكون التقرير على حق في ما يتعلق بالمشروع الأخير: ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت وزارة النقل تأجيل اختيار التحالف الفائز بالصفقة، غالبا بسبب تكلفتها التي تتراوح بين 7 و8 مليارات دولار. ولا يبدو مصدر تمويل بقية المشروع واضحا حتى الآن.

وبالإضافة إلى هذا، تبدو الحالة المادية لهيئة السكك الحديدية مزرية: ومن المتوقع أن تحقق الهيئة خسائر قدرها 10 مليارات جنيه في السنة المالية الحالية مقابل 4.9 مليار فقط أرباحا، بينما تحتاج فعليا إلى تحقيق 14.9 مليار جنيه لتغطية تكاليف التشغيل وفقا لميزانيتها للسنة المالية 2020/2019، بالإضافة إلى 21.9 مليار إضافية لتغطية التوسعات الرأسمالية المخططة. وسبق أن حققت هيئة السكك الحديدية خسائر تقارب 12 مليار جنيه في العام المالي 2018/2019، وفقا لليوم السابع، التي تؤكد أن استمرار الخسائر عاما بعد عام أدى إلى تراكم نحو 66 مليار جنيه من الديون على الهيئة.

هل تكفي الـ 141 مليار جنيه التي تخطط الحكومة لإنفاقها بحلول عام 2022 لإنقاذ الوضع؟ ستحتاج مصر إلى إنفاق ما لا يقل عن 10 مليارات دولار (157 مليار جنيه) على إصلاح السكك الحديدية في الفترة بين 2019 و2029، وفقا للتقديرات التي رصدها البنك الدولي في تقرير ديسمبر 2018.

الجانب المشرق في المسألة أننا أحرزنا بعض التقدم: انتهت الهيئة من أعمال الهندسة المدنية لـ 648 مزلقانا من أصل 1101 من المقرر إنجازها بموجب الخطة، حسبما قال وزير النقل كامل الوزير الشهر الماضي، مضيفا أنه انتهت أعمال التحكم لـ 418 مزلقانا من أصل 1120. وأشار الوزير إلى استمرار العمل على تطوير وإعادة تأهيل 262 محطة سكة حديد. وفي الوقت نفسه، من المقرر أن تتسلم مصر في مارس المقبل الدفعة الأولى المكونة من 60 عربة قطار من ترانسماش هولندج، ضمن الصفقة البالغة 1300 عربة، بعد أن استلمت أول 10 قاطرات من جنرال إليكتريك في ديسمبر الماضي.

ومع دخول القطاع الخاص في اللعبة، تدرس مؤسسة بي إم آي ريسيرش إمكانات النمو على المدى الطويل لسكك حديد مصر. وقالت المؤسسة إنه "في ظل العدد الضخم والمتزايد من السكان، ومع تعزيز النمو الاقتصادي، نتوقع أن يستمر الطلب على السكك الحديدية على مدى العقود المقبلة، وأن تظل رغبة المستثمر الأجنبي فيه قوية". وتشير بي إم آي ريسيرش إلى أن قطاع السكك الحديد يعد محركا أساسيا لقطاع الإنشاءات المصري القوي، الذي تتوقع أن يحقق معدل نمو حقيقي 10.1% حتى عام 2023.

ودعونا لا ننسى أن كل هذا الجهد في سبيل هدف نبيل: فقد اضطرت الحكومة إلى التعجيل بالخطة بسبب سلسلة الحوادث التي صارت مألوفة في مشهد السكة الحديد، والتي أودت بحياة أعداد لا حصر لها على مدار العقود القليلة الماضية، وآخرها كارثة رمسيس العام الماضي التي راح ضحيتها 22 شخصا. لقد صارت مسألة طوارئ وطنية، ولا يزال وزراء النقل يُقالون بسببها منذ عهد مبارك. ومع سقوط تلك الأعداد الكبيرة من القتلى في كل حادث، فإن وجود خطة طموحة أفضل من عدم وجود خطة على الإطلاق.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).