وزارة المالية تحدد أدق تفاصيل استثماراتها في السندات الخضراء: في سبتمبر الماضي، طرحت مصر أول إصدار للسندات الخضراء في المنطقة على الإطلاق، والذي جمع 750 مليون دولار من الأوراق المالية المرتبطة بالبيئة قبل إدراجها في بورصة لندن. وقد نشرت الحكومة إطار عملها (بي دي إف) والكيفية التي تنوي أن تستغل بها العائدات، وكيف تختار وتقيم المشروعات التي تتلقى التمويل، وكذلك كيف تنشر هذه المعلومات. وتوصلت الحكومة إلى ذلك الإطار من خلال التنسيق مع البنك الدولي، وكانت نتاجا للعمل المشترك بين عدة وزارات اجتمعت معا لوضع القواعد الأساسية لكيفية استخدام الدولة للسندات الخضراء على مدى الأشهر والسنوات المقبلة.
لننعش ذاكرتنا بخصوص السندات الخضراء: السندات الخضراء نوع من أدوات الدين ذات الدخل الثابت، وهي شبيهة بأدوات الدين التقليدية، لكن أموالها تخصص للاستثمار في مشروعات المحافظة على البيئة ومكافحة التغير المناخي. وقد ظل إصدار السندات الخضراء الأولى في مصر قيد البحث لمدة عامين على الأقل، ويعتبر جزءا من استراتيجية الحكومة لتنويع الديون، مما يمثل تحولا نحو الديون طويلة الأجل وفتح التمويل للمشروعات بسعر فائدة أقل مقابل وسائل التمويل التقليدية. وبلغت قيمة طلبات الشراء من المستثمرين نحو 3.7 مليار دولار، وبيعت السندات لأجل خمس سنوات، وجرى تسويقها في البداية بعائد 5.75% قبل أن يخفض إلى 5.25%.
لماذا السندات الخضراء؟ هناك حوافز اقتصادية وبيئية: معدلات الفائدة المنخفضة المرتبطة بالسندات الخضراء مقارنة بالأوراق المالية القياسية ذات الدخل الثابت تجعلها جذابة للغاية، وتوفر طريقة لتنويع مصادر الديون للتحوط من مخاطر السوق المحتملة، كما قال وزير المالية محمد معيط لإنتربرايز. ومن المتوقع أن تجتذب السندات كذلك أنواعا جديدة من المستثمرين المهتمين بتمويل المشروعات المستدامة والصديقة للبيئة، وتؤدي إلى زيادة تلك المشروعات في السوق، وفق معيط.
التوقيت ملائم للغاية، فالوباء يعجل الاهتمام العالمي بالاستثمارات المستدامة: بينما تغذي أزمة النفط والغاز التكهنات بشأن اقتراب حقبة ما بعد الهيدروكربون، وبينما تتحدث الحكومات عن تعاف أخضر من الانكماش الاقتصادي الحالي، فقد شهد مديرو الأصول تدفقات قياسية إلى الصناديق التي تتبع مبادئ الاستثمار المستدام، وهو ما جعل إجمالي الأصول المستدامة تحت الإدارة يتجاوز تريليون دولار لأول مرة في التاريخ.
دعونا نناقش الأشياء المهمة أولا: كيف نصنف استثمارا معينا باعتباره "أخضر"؟ وفقا لإطار العمل، يمكن تخصيص عائدات السندات الخضراء والصكوك لتمويل مشروعات جديدة أو إعادة تمويل مشروعات قديمة، من التي يمكن تصنيفها كمشروعات خضراء صالحة. ويشمل هذا وسائل النقل النظيف مثل السكك الحديدية الكهربائية وبنيتها التحتية، ومرافق الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية وطاقة الكتل الحيوية، ومنع التلوث في مشروعات البنية التحتية للنقل والتوزيع مثل جمع القمامة وإعادة تدويرها وتحويلها إلى أسمدة، والتكيف مع تغير المناخ مثل مشروعات إدارة المناطق الزراعية والساحلية، وكفاءة الطاقة وإدارة المياه والصرف الصحي مثل محطات معالجة مياه الصرف الصحي وتحلية المياه.
لا يمكن استخدامها في المشروعات الضارة بالبيئة: مثل حرق الوقود الأحفوري، والبنية التحتية للسكك الحديدية المخصصة لنقل الوقود الأحفوري، والطاقة النووية، وحرق القمامة، ودفن النفايات، والمنشآت التي تحول القمامة لطاقة اعتمادا على حرق المواد القابلة لإعادة التدوير، ومشروعات الطاقة المتجددة التي تستخدم الكتل الحيوية من المناطق المحمية. ويحظر أيضا استخدام السندات أو الصكوك الخضراء في صناعات الكحول والأسلحة والتبغ والألعاب وزيت النخيل، ولا يمكن استخدام العائدات في مدفوعات الدولة لأي هيئات محلية تجمع تمويلات من خلال أسواق رأس المال.
كيف تدار العائدات؟ ينص إطار العمل على إنشاء سجل للتمويل الأخضر (GFR) يشرف على تخصيص التمويل وتتبعه، ويحتوي على معلومات منها تفاصيل السند الأخضر أو الصك (أي رقم تحديد الأوراق المالية العالمي الخاص به، وتاريخ التسعير، وتاريخ الاستحقاق، ومعلومات أخرى)، وكيفية استخدام عائداته (المشروعات الخضراء الصالحة التي خصصت لها، ومبلغ التخصيص، والتأثير المتوقع). وكُلفت وزارتا المالية والتخطيط بإدارة السجل، ومن المقرر أن تجريان مراجعات سنوية لكيفية استخدام الأموال.
لكن وزارتي المالية والتخطيط لن تحددا كيفية تخصيص التمويل فعليا، بل يعود هذا إلى مجموعة عمل التمويل الأخضر التي تأسست حديثا، والتي تضم ممثلين عن الوزارتين بالإضافة إلى مجموعة من الوزارات والأطراف المعنية الأخرى، مثل هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، والجهاز التنفيذي لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي. وتضطلع اللجنة بتقييم المشروعات وترتيبها بحسب الأولوية، ومراجعة هذه المخصصات عدة مرات في السنة في حالة احتياجها إلى إجراء أي تغييرات.
كيف تُنشر هذه المعلومات؟ تنشر اللجنة كل عام تقريرا يحدد المبلغ المخصص لكل مشروع، والمبلغ المخصص لكل فئة من المشروعات، ونسبة تمويل المشروعات الجديدة مقابل إعادة التمويل، ومقدار العائدات المتبقية. ومن المقرر نشر التقارير في غضون عام من إصدارها.
لدينا بالفعل فكرة جيدة حول المشروعات الذي ستحصل على معظم عائدات طرح السندات في سبتمبر، فقد أظهرت قائمة اطلعت عليها جريدة المال قبل أسبوعين توجيه 500 مليون دولار من حصيلة البيع لتمويل جزء من مشروعي مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة والسادس من أكتوبر، ومحطة معالجة قرى عرب المدابغ، ومشروع محطة تحلية مياه الضبعة، ومحطة معالجة مياه الصرف الصحي شرق الإسكندرية، ومحطة معالجة صرف صحي بامتداد مركز العياط بالجيزة. ووقع الاختيار على تلك المشروعات من بين قائمة طويلة ضمت 41 مشروعا، حسبما قالت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد. ولم تعلن الحكومة بعد عن كيفية إنفاق مبلغ 250 مليون دولار المتبقي من حصيلة بيع السندات.
تنشر اللجنة أيضا تقريرا منفصلا عن الأداء البيئي للمشروعات الممولة مرة في السنة، فقط في حالة توفر تلك البيانات. ويسرد إطار العمل عددا من المقاييس المحتملة التي تبحثها الحكومة، منها خفض الانبعاثات وتوفير الطاقة وإنتاج الطاقة المتجددة وكمية النفايات المعاد تدويرها.
وفي هذه الأثناء، التزمت مصر بالمراجعات الخارجية لإطار التمويل الأخضر السيادي وطرح السندات نفسها، إذ عينت وكالة الأبحاث فيجيو إيريس، المتخصصة في مراقبة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)، لمراجعة إطار العمل نفسه، بالإضافة إلى عمل الحكومة على توظيف أحد مقدمي خدمات الضمان لتقييم التزامها بالإطار.
هل نصدر المزيد من السندات الخضراء خلال العام المالي الحالي؟ لا يزال من السابق لأوانه معرفة ذلك، لكن وضع إطار عمل تفصيلي يشير إلى إمكانية أن نرى مزيدا من الطروحات في الأشهر والسنوات المقبلة. وسبق أن قالت الحكومة بوضوح إنها تضع مشروعات البنية التحتية الخضراء كأولوية، إذ أشارت وزيرة التخطيط هالة السعيد إلى تخصيص 30% من إجمالي الاستثمارات العامة في خطة العام المالي المقبل 2022/2021 من أجل المشروعات الخضراء، بعد أن كانت نسبتها 14% فقط في موازنة العام المالي الحالي.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).