greenEconomy
الثلاثاء, 30 نوفمبر 2021

لخفض الانبعاثات.. نحتاج إلى علم أفضل وليس تعهدات

العديد من الدول تبلغ عن انبعاثات كربونية أقل من الواقع، حتى وهي تتعهد بخفضها، حسبما توصل تحقيق مستقل أجرته واشنطن بوست. ووجد تحليل الصحيفة، الذي قارن الأرقام المبلغ عنها والمتوقعة للدول مع قياسات الانبعاثات العالمية المستقلة، أن 8.5 مليار – 13.3 مليار طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لم يجر احتسابها. استندت الصحيفة في تحليلها إلى البيانات العلمية والجوية من مشروع الكربون العالمي، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).

لماذا هي مشكلة كبيرة؟ ستؤدي المساهمات الجديدة والمحدثة المحددة من جانب كل دولة والمقدمة لعام 2030، إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية في هذا القرن، أي أعلى بـ 1.2 درجة مئوية من الـ 1.5 درجة مئوية المنصوص عليها في اتفاق باريس، حسبما أظهر تقرير فجوة الانبعاثات الذي صدر الشهر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، قبل مؤتمر COP26. لذا، حتى لو كانت تقارير الانبعاثات دقيقة بنسبة 100%، فإن الكوكب سيستمر في الاحترار بمعدل أسرع مما نأمله، وكيف سيكون الحال إن كانت أحجام الانبعاثات المبلغ عنها أقل من الواقع.

فجوة هائلة في بيانات الانبعاثات: من بين 196 دولة، أبلغت 45 دولة فقط (معظمها من الدول المتقدمة) عن انبعاثاتها خلال قمة المناخ في عام 2019، وهو أمر مطلوب من أطراف اتفاقية باريس. ويسمح نظام الإبلاغ الخاص باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ للبلدان المتقدمة والبلدان النامية باستخدام معايير مختلفة، مما يؤدي إلى عدم توازن نظام الإبلاغ نفسه. وتعد البلدان المتقدمة، ولا سيما مجموعة العشرين، هي أكبر الدول المسببة للانبعاثات في العالم، ولديها المزيد من الأدوات والمعرفة التقنية لقياس الانبعاثات والإبلاغ عنها، لكن لا يعني ذلك بالضرورة أنهم يبلغون عن أرقام أكثر دقة.

البلدان النامية – بما في ذلك مصر – متأخرة عن الركب: لم يقدم العديد من كبار مصدري الانبعاثات – بما في ذلك كبار منتجي النفط والغاز مثل إيران وقطر والجزائر – تقارير لأكثر من عقد، ولم يبلغ منتجو الغاز الذين مزقتهم الحرب مثل ليبيا عن انبعاثات. كما لم تبلغ نحو 45 دولة عن أي أرقام منذ عام 2009. في إصدار سابق من نشرتنا المتخصصة في البنية التحتية هاردهات، أشرنا إلى القطاعات الأكثر تلويثا في مصر، إلا إننا لم نتمكن من الحصول على بيانات موحدة، كما أن أحدث البيانات المتاحة عمرها يتجاوز عدة سنوات.

تحتل مصر المرتبة الثالثة بعد السعودية وإيران في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيما يتعلق بالانبعاثات، وفقا لقاعدة بيانات معهد الموارد العالمية (بي دي إف). أنتجت مصر 310 ملايين طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المكافئة لثاني أكسيد الكربون في عام 2016. وزادت انبعاثات البلاد بنسبة 140% بين عامي 1990 و 2016 – بمتوسط معدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.5%، وهو أسرع بثلاث مرات من المتوسط العالمي.

نحو 57-76 مليون طن من انبعاثات غاز الميثان التي يسببها الإنسان لا يجري الإبلاغ عنها في تقارير الدول التابعة للأمم المتحدة، حسبما ذكرت واشنطن بوست. يتسرب الميثان عبر خطوط الأنابيب في صناعة النفط والغاز، وينبعث أيضا من خلال التخلص من الهواء الزائد في أمعاء الأبقار وروثها، وكذلك من النفايات البشرية في مقالب القمامة. تشتهر الأبقار بانبعاثات الغازات الدفيئة، حيث تساهم في 60% من إجمالي انبعاثات الماشية، 40% منها عبارة عن غاز الميثان، بينما تطلق الأسمدة الصناعية النيتروجين في التربة، والذي يتحول بعد ذلك إلى أكسيد النيتروز. كما أن الغازات المفلورة (تحتوي على مادة الفلورايد) المنبعثة من مكيفات الهواء والثلاجات والكهرباء لا يجري الإبلاغ عنها بشكل كاف أو لا يجري الإبلاغ عنها على الإطلاق.

يتنصل الجميع من تحمل مسؤولية السفر الجوي والشحن الدولي، اللذين يمثلان معا أكثر من مليار طن من الانبعاثات. الأمر الذي يمثل 2% من جميع انبعاثات الكربون التي يسببها الإنسان. صندوق الدفاع البيئي هو إحدى المنظمات التي تعمل على تقليل الانبعاثات من السفر الجوي الدولي عبر خطة تعويض الكربون وخفضه للطيران الدولي، أو CORSIA، حيث وافقت 81 دولة على المشاركة في مرحلتها التطوعية الأولى.

الوقود الأحفوري ليس المتهم الوحيد: يمثل حرق الوقود الأحفوري أكبر انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري – والأكثر قابلية للقياس – لكن القطاعات الأخرى لا تقل إشكالية، ويرجع ذلك جزئيا إلى مدى صعوبة قياس تأثيرها. وتتضمن بعض مغالطات الإبلاغ عدم احتساب الحرائق الكبرى، كما هو الحال مع أستراليا، أو التقليل من تأثير تجفيف أراضي الخث، التي تختزن 30% من كربون التربة في العالم، لإفساح المجال لمزارع زيت النخيل، كما هو الحال مع ماليزيا. وتتجاوز صعوبة حساب الانبعاثات الناتجة عن قطع الغابات أو حرائق الغابات أو تجفيف أراضي الخث أو استخدام الأسمدة النيتروجينية، القدرة على حساب الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري.

تؤدي مجموعة من المقاييس غير الواضحة والتقارير الجزئية و "الأخطاء المتعمدة" إلى خلق فجوات في فهمنا لبصمتنا الكربونية. وتعتمد المبادئ التوجيهية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على البيانات المبلغ عنها لحساب الأنشطة المختلفة المنتجة للانبعاثات مثل عدد الأبقار في بلد معين أو كمية الأسمدة المستخدمة، ثم ضربهم في معامل الانبعاث – وكلها أرقام عرضة للخطأ البشري. ويعني عدم وجود قياسات الغلاف الجوي أو الأقمار الصناعية في التقارير القطرية أن العديد من البلدان تقلل من انبعاثاتها وتبالغ في تقدير تأثير التدابير التي تتخذ لتقليل أثر تغير المناخ.

يأتي ما لا يقل عن 59% من التفاوت من كيفية حساب البلدان لانبعاثاتها من استخدام الأراضي. واحدة من أكثر ممارسات الإبلاغ إثارة للجدل هي كيفية استخدام البلدان لتعويضات الكربون للاقتراب من صافي الصفر، بدعوى أن انبعاثاتها يجري تعويضها من خلال بالوعات الكربون أو كتلة الأرض التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أكثر مما تنتجه. يمكن أن تزيل تلك البالوعات أثر الانبعاثات التي تنتجها البلدان، ولكن بسبب الإبلاغ التقريبي – غالبا ما تخطئ البلدان في تقدير حجم التعويض وتخطئ أيضا في الإبلاغ عنه.

ومع ذلك، توفر تعويضات الكربون طريقة واحدة للدول والشركات لخفض انبعاثاتها. يسمح تعويض الكربون من خلال أسواق الكربون – المفصل في المادة 6 من اتفاقية باريس – للبلدان والشركات بتمويل تخفيضات الانبعاثات في أماكن أخرى (منع إزالة الغابات مثلا) للمساهمة في أهداف الحد من الانبعاثات. يسلط تقرير فجوة الانبعاثات الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة الضوء على أسواق الكربون كآلية واحدة يمكنها المساعدة في خفض الانبعاثات، شريطة أن "تكون القواعد محددة بوضوح وتستهدف التخفيضات الفعلية في الانبعاثات، مع دعمها بترتيبات لتتبع التقدم وتوفير الشفافية". وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي أنشأ أول سوق للكربون في العالم في عام 2005 – نظام تجارة الانبعاثات – فقد كانت قمة COP26 هي المرة الأولى التي تتوصل فيها نحو 200 دولة إلى صفقة تضع قواعد لتنظيم أسواق الكربون العالمية. ويسمح سوق الكربون العالمي – الذي يقدر بعض الخبراء قيمته بنحو 22 تريليون دولار بحلول عام 2050 – للبلدان بشراء تخفيضات الانبعاثات، مما يؤدي إلى تراكم أرصدة الكربون بشكل فعال.

قد يستغرق تطوير أنظمة إبلاغ قوية وتحسين الشفافية في الإبلاغ عن المناخ حتى عام 2030، وفق تقديرات الخبراء – وهو نفس الإطار الزمني الواجب خفض الانبعاثات خلاله إلى النصف، على حد قول العلماء. لم يجر التحقق من صحة البيانات العلمية والجوية المستقلة، وما يزال علم إعداد التقارير غير دقيق. تشير النتائج التي توصلت إليها واشنطن بوست إلى أنه فقط من خلال الاعتماد على البيانات الثابتة ومنهجيات جمع البيانات السليمة، يمكن للبلدان أن تبدأ في تقديم تعهدات ذات مغزى والإبلاغ عن التقدم المحرز نحو تحقيقها.


فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالاستدامة هذا الأسبوع:

  • تعمل الحكومة حاليا على التعاقد مع مكتب استشاري عالمي لتطوير استراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين، بحسب وزير الكهرباء محمد شاكر. وأضاف أن هناك إمكانية لتنفيذ أحد المشروعات وبدء الإنتاج بحلول أكتوبر من العام المقبل.
  • ستمتلك شركة أوراسكوم كونستراكشون نحو 25% من مصنع الهيدروجين الأخضر في العين السخنة. وتتولى شركة سكاتك النرويجية بناء المصنع الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 50-100 ميجاوات بالشراكة مع صندوق مصر السيادي وشركة فيرتيجلوب المنتجة للأمونيا والمملوكة جزئيا لناصف ساويرس.
  • البنك التجاري الدولي يوافق على تخصيص 70 مليون دولار من عائدات إصداره الأول للسندات الخضراء لتمويل مشروعات مستدامة.
  • المزيد من التمويل الأخضر من الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: يستعد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتقديم تمويل أخضر بقيمة 5.3 مليون دولار إلى شركة إنترو سستينابل ريسورسيز (آي آر إس). وستوجه الأموال إلى عدد من المشاريع، بما في ذلك محطات التدفئة والطاقة المجمعة، وتوليد الطاقة المتجددة، وتوزيع الكهرباء، وإدارة المخلفات.
  • مصر تقترب من الحصول على قرض بـ 3 مليارات دولار من تحالف مصرفي دولي. وستوجه شريحة قدرها نحو مليار دولار من القرض، الذي يتولى تدبيره بنك أبو ظبي الأول وبنك الإمارات دبي الوطني، لتمويل المشاريع الخضراء.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).