كل ما تريد أن تعرفه عن ضريبة القيمة المضافة
هذا الملف يحتوي على:
- الضريبة على القيمة المضافة -الأساسيات
- لماذا تطبق ضريبة القيمة المضافة الآن؟
- كيف ستطبق بفاعلية؟
- التعلم من تجارب الآخرين
- ما يجب أن نقلق بشأنه
بعد الكثير من الحديث حول القانون، نحن الآن على بعد أسابيع من دخول ضريبة القيمة المضافة حيز التنفيذ. كانت مصر تخطط منذ فترة للاستغناء عن الضريبة العامة على المبيعات ليحل محلها الضريبة على القيمة المضافة، من أجل توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات، ولكن الحكومة سارعت في تمرير القانون في الأسابيع الأخيرة بعد أن وضع صندوق النقد الدولي تطبيق الضريبة كشرط للموافقة على إقراض مصر 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.
ووافق مجلس النواب يوم الأحد على السعر العام للضريبة ليكون 13% في العام المالي 2016 -2017، ليزيد إلى 14% بداية من السنة الثانية لتطبيق الضريبة، ويوم الإثنين وافق المجلس على مشروع القانون بمواده الـ 74، والذي سيطبق على جميع السلع والخدمات في البلاد، فيما عدا ما تم استثناؤه في نص القانون.
وفيما يلي سنحاول التعمق في السياسات والأطر التي تمهد لتطبيق الضريبة بشكل ناجح، وما قد لا يساعد على تطبيقها بالكفاءة المطلوبة.
الضريبة على القيمة المضافة –الأساسيات
الفكرة من وراء مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة هي توسيع القاعدة الضريبية والأنشطة الخاضعة للضريبة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، بدلا من فرض ضريبة واحدة في النهاية، ما نسميه الضريبة العامة على المبيعات التي تبلغ نسبتها 10%.
ووفقا لنظام الضريبة على القيمة المضافة، يتم محاسبة أصحاب الأعمال ضريبيا في كل مرة تنتقل السلع من مرحلة إلى أخرى، أو في كل مرة يتم تقديم الخدمة على طول سلسلة التوريد، من المواد الخام، إلى المنتج النهائي المباع للمستهلك. ويحق للشركات المطالبة بالضرائب التي دفعوها عند الشراء. وتفرض الضريبة على السلع المحلية والمستوردة، وكذلك على الخدمات المقدمة.
وضريبة القيمة المضافة كما تُعرِّفها المفوضية الأوروبية هي “ضريبة عامة تنطبق من حيث المبدأ على جميع الأنشطة التجارية، التي تدخل في إنتاج وتوزيع السلع وتقديم الخدمات”. وعادة ينبغي أن يحقق مقدم الخدمة أو السلعة إيرادا سنويا محددا كي يتم تطبيق الضريبة عليه. ويظهر العبء الضريبي الفعلي في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع.
ويتم تحصيل الضريبة بشكل مجزأ، عن طريق نظام من المدفوعات الجزئية. إذ تنص المادة 22 من القانون المصري على أن للمسجل عند حساب الضريبة أن يخصم من الضريبة المستحقة على قيمة مبيعاته من السلع والخدمات ما سبق سداده أو حسابه من ضريبة على المردودات من مبيعاته وما سبق تحميله من هذه الضريبة على مدخلاته بما فيها الضريبة السابق تحميلها على السلع والخدمات المباعة بمعرفة المسجل في كل مرحلة من مراحل توزيعها. وتضمن هذه الآلية أن تكون الضريبة متعادلة، بغض النظر عن عدد المعاملات التي دخلت فيها.
لماذا تطبق ضريبة القيمة المضافة الآن؟
بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات، تبسط الحكومة النظام الضريبي وتقلل من التهرب الضريبي. ويصبح نظام ضريبة القيمة المضافة بشكل أساسي نظام “رقابة ذاتية”، إذ وضع البرلمان نظاما يطلب من الشركات تقديم أوراق معاملاتهم التجارية مع الموردين والعملاء، قبل أن يتمكنوا من رد الضريبة. ويمنح القانون حوافز للأنشطة الصغيرة غير الرسمية لتنضم إلى الاقتصاد الرسمي.
الأمر الأكثر أهمية، كان المقرضون الدوليون، وبالأخص صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذان وضعا ضريبة القيمة المضافة كشرط للموافقة على إقراض مصر. ومحليا، نتطلع لضريبة القيمة المضافة لزيادة إيرادات الدولة، وتحسين كفاءة الاقتصاد وتوسيع الاقتصاد الرسمي.
ويمكن القول أن ضريبة القيمة المضافة عائداتها المحتملة أكثر من الضرائب غير المباشرة، وبها مميزات أكثر من ضرائب المبيعات أو الضرائب التي يتم فرضها في مرحلة واحدة، وفق ما ذكرته ورقة بحثية للبنك الدولي. ونظرا لأنها ضريبة على الاستهلاك وليس الدخل، فإنها تشجع على الادخار والاستثمار.
كيف يمكن تطبيق القانون على نحو فعال؟
بشكل عام، حدد كريستوف جراندكولاس مستشار إدارة وسياسات الضرائب بصندوق النقد الدولي، 10 شروط لنجاح تطبيق ضريبة القيمة المضافة:
- حكومة عازمة على تطبيق الضريبة.
- جدول زمني للتطبيق مصمم جيدا.
- قانون لضريبة القيمة المضافة مصمم جيدا، بإعفاءات قليلة، “لا معدل صفري للاستهلاك المحلي، وحد أدنى مناسب للتسجيل يحدد عدد دافعي الضرائب بما يعكس قدرة الإدارة الضريبية”.
- إدارة مصممة جيدا ومتوجهة نحو العميل لإدارة ضريبة القيمة المضافة والعدد الكبير من الممولين.
- التعاون بين الإدارات الإيرادية من خلال نظام الرقم التعريفي لكل ممول.
- موظفو ضرائب مدربون جيدا.
- حملة توعية عامة شاملة.
- آلية للاسترداد.
- نظام رقابة مميكن مع هيكل عقوبات فعال.
- برنامج مراجعة فعال.
أولا، نحتاج لاعتماد القانون. سيحدد القانون الوعاء الضريبي، والسعر العام للضريبة، والحد الادنى للتسجيل، وقائمة الإعفاءات. بالنسبة لمصر، سنصل إلى هذه الخطوة بمجرد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون الذي أقره مجلس النواب منذ أيام.
المرحلة الأولى من التطبيق تنطوي على الكثير من الترويج والتوعية بالقانون بين كل من المسؤولين ودافعي الضرائب، ويشمل ذلك: دورات حول المسائل القانونية، وتثقيف دافعي الضرائب ومساعدتهم، والتسجيل، وإجراءات الإيداع والدفع، والرقابة، والتسعير السليم للمنتجات، وغيرها من الإجراءات. وقد تحتاج العديد من هذه الإجراءات إلى الاستعانة بخبراء دوليين أو شركاء تنمية، ربما لفترة طويلة من الزمن.
نظام التسجيل في ضريبة القيمة المضافة: يحصل كل من يخضع لتلك الضريبة سواء كان مصنع أو مستورد على رقم تسجيل، ويجب أن يكون لديه سجل في مصلحة الضرائب. ويجب على المسؤولين التأكد من تسجيل كل من جاوزت قيمة مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه في القانون.
بعد ذلك، يجب أن تتواصل مصلحة الضرائب مباشرة مع الشركات لتعريفهم بإجراءات دفع الضريبة، والتي تتطلب العديد من الدفاتر والفواتير. وفيما يتعلق بمتطلبات الاحتفاظ بالسجلات، عادة ما يُطلب من الشركات الاحتفاظ بسجلات لجميع عمليات البيع والشراء في كل مرحلة من مراحل الإنتاج. وتحدد مصلحة الضرائب المدة التي يجب الاحتفاظ بالدفاتر والفواتير، والتي تتضمن جميع الايصالات الصادرة أو الواردة، الديون والقروض، سجلات الاستيراد والتصدير، وكذلك سجلات جميع البنود المعفاة من الضرائب.
وتقوم مصلحة الضرائب بإنشاء نظام استرداد ضريبة القيمة المضافة، وتحدد من ينطبق عليهم هذا النظام. ويتم تطبيق هذا النظام غالبا على السياح الذين يشترون السلع ويحصلون على الخدمات أثناء زيارتهم للبلد، ويتم رد الضريبة على السلع والخدمات التي حصلوا عليها قبيل مغادرتهم للبلاد.
وستكون لدى الشركات المسجلة بضريبة القيمة المضافة القدرة على اصدار فواتير ضريبية لعملائها، سواء كانت ورقية أو إلكترونية. وتظهر في تلك الفاتورة اسم المشتري ورقم تسجيله، ووصف للسلع والخدمات التي يقدمها، واجمالي المبلغ الذي دفعه المشتري بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، ومعدل الضريبة المطبقة على تلك السلعة أو الخدمة.
الحوافز مثل الجوائز والخصومات الضريبية يمكن أن تجعل تطبيق ضريبة القيمة المضافة أكثر كفاءة، وتولد إيرادات أكبر، وتشجع المواطنين على إلزام البائعين على تطبيق الضريبة للاستفادة من الحوافز. وتعتبر تايوان من أولى الدول التي قامت بتطبيق نظام الجوائز، وبعد ذلك جرى تطبيقها في جميع أنحاء العالم وشهدت نجاحا ملحوظا (باستثناء جورجيا، والتي ألغت العمل بنظام الجوائز في عام 2012 بعد نقص الموارد المالية).
ولدى البرتغال ومالطا وسلوفاكيا نظام الجوائز لتشجيع اصدار الفواتير في المعاملات التجارية للمستهلكين. ويساهم هذا الأمر في تحويل الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي، وفقا لتقرير صادر عن المفوضية الأوروبية، وذلك عبر تحفيز جميع الأطراف لإصدار أو المطالبة بفواتير ضريبية.
التعلم من تجارب الآخرين
قصص نجاح ومحاذير: يوجد نظام ضريبة القيمة المضافة في 140 دولة على مستوى العالم، وحققت غالبية تلك الدول تحولا ناجحا نحو الضريبة، بينما علقت 5 دول العمل بها، مثل جرينادا ومالطا وبليز وفيتنام وغانا، ومن المتوقع أن تقوم بليز بإعادة تطبيقها يوما ما.
كانت هناك بعض السمات المشتركة بين البلدان الخمسة، والتي ألغت العمل بضريبة القيمة المضافة. وتتضمن تلك السمات الالتزام السياسي، بمعنى أن بعض السياسيين يتعهدون بإلغاء الضريبة إذا تم انتخابهم، أو ضعف الأداء نتيجة إلى سوء التخطيط لتطبيق الضريبة قبل بدء العمل بها، إلى جانب عدم تواجد تعريف محدد وكاف لحدود التسجيل.
ولاقت الضريبة على القيمة المضافة نجاحا ملحوظا في الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا. ولكن هذا لا يعني أن الانتقال الناجح للعمل بالضريبة حكرا على الدول المتقدمة فقط، إذ أن هناك تجارب جديرة بالاهتمام مثل الجابون وموريشيوس.
الجابون، على سبيل المثال، استفادت لمدة عامين من المساعدة الفنية والتقنية المقدمة من فرنسا وصندوق النقد الدولي قبل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حيث تم انشاء دائرة خاصة للضريبة، وتنفيذ إطار عمل محوسب للضرائب، ووضع نظام ضرائب تعليمي شامل للحكومة والمواطنين على حد سواء، وهى العوامل التي سبق أن ذكرناها كعوامل محورية للانتقال الناجح من ضريبة المبيعات، إلى الضريبة على القيمة المضافة.
ما يجب أن نقلق بشأنه؟
قال باحثون بصندوق النقد الدولي أنه هناك بعض جوانب ضعف هامة في تنفيذ ضريبة القيمة المضافة من أجل تنمية و”تحول” الاقتصاديات، مثل “انعدام التنسيق بين إدارات الضريبة المباشرة وغير المباشرة… والصعوبة في تنفيذ نظم تقييم ذاتي قابلة للعمل…. والحاجة إلى برامج تدقيق فعالة تستند إلى أساليب اختيار تحليل المخاطر، والحاجة إلى إعادة السداد الفورية للمبالغ الزائدة عن الأرصدة لدافعي ضرائب محددين، وخاصة المصدرين”.
وارتبط تطبيق ضريبة القيمة المضافة بتراجع حجم التجارة جراء التأخير وعدم اكتمال عمليات استرداد الضريبة، كما أن إعمال ضريبة القيمة المضافة يمكن أن يكون باهظاً للحكومات، إذ يتم إنفاق الموارد في تجميع ومعالجة المعلومات وفرض العقوبات على من يمتنع عن الامتثال للضريبة.
عندما طرحت جزر جرينادا ضريبة القيمة المضافة عام 1986، أثبتت فشلها في غضون أشهر، حيث شهدت عدة تعديلات على النسبة الأكثر تطبيقا وهي 10%. إذاً ما هي أهم الأسباب وراء فشلها؟ تم إعفاء العديد من السلع المحلية، للإبقاء على الإعفاءات في القانون السابق، وهو ما يعني أن ضريبة القيمة المضافة لم تشمل جزءاً كبيراً التصنيع المحلي. ولم يتسبب هذا في انخفاض القاعدة الضريبية المحتملة فحسب، ولكن أيضاً أحدثت تفرقة في المعاملة مع الواردات. وعلاوةً على ذلك، تلقت إدارة الضريبة عدداً مهولاً من طلبات استرداد قيمة الضريبة. ولم يكن هناك “إطار عمل كلي لمعالجة التغيرات الضرورية في الإدارة من أجل تطبيق ضريبة القيمة المضافة بما في ذلك طاقم العمل، والتدريب، والإجراءات”.
حجم الإعفاءات في ضريبة القيمة المضافة هو الذي يحدد فرص الفشل. فعلاوة على أن الإعفاءات تخفض من الإيرادات الحكومية، فإنها تمثل تحديات تقنية، وخاصةً عندما يحتوي انتاج الشركة على عناصر معفاة من الضريبة وأخرى خاضعة للضريبة. ويزعم بعض الاقتصاديين أنها تهدد إمكانية استمرار ضريبة القيمة المضافة، وأن قائمة الإعفاءات يجب أن تكون عند أقل حد ممكن لها. ويوجد لدى الصين قائمة صغيرة من السلع والخدمات المعفاة وكذلك هو الحال في البرتغال. وتطبق نيجريا عدداً من الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة، بما في ذلك الإعفاءات على المنتجات الطبية والصيدلانية، وبنود الأغذية الأساسية، والمواد التعليمية.
وقامت النيجر بتطبيق ضريبة القيمة المضافة عام 1986، ولكنها شهدت انخفاضًا في عائدات الضريبة بدلاً من أن تشهد ارتفاعًا، وهو ما تسبب في أزمة مالية كبيرة، وفقا لورقة بحثية كتبها روبين بارلو ووين سنايدر. وكانت الأزمة الاقتصادية للبلد تعني “تحولاً من الاستثمار الممول من الجهات الخاصة، والذي كان في الظروف الطبيعية سيخضع ولو جزئياً لضريبة القيمة المضافة، إلى المساعدات المالية الدولية التي هي معفاة من الضرائب. وهو وحدة يمكن أن يفسر انخفاض عائدات الضريبة إلى ما يقارب من الربع.
وبالرغم من أن ضريبة القيمة المضافة لا يزال معمول بها في البلاد، فإن المؤلفين يطرحون أسباباً أخرى عدة لإخفاقها، مثل القطاع الكبير غير الرسمي الذي ليس على استعداد للاحتفاظ بسجلات دقيقة، وغياب التوعية الخاصة بدافعي الضرائب، والإخفاق في القيام وبشكلٍ متزامنٍ بتخفيض أو إنهاء الضرائب الأخرى، وغياب القوى العاملة والموارد الإدارية لممارستها.